كانت محمولة على الرشد وجازت أفعالها إلا أن يعلم سفهها، وهو خلاف ما بيناه من ظاهرها.
وقد اختلف في هاتين المسألتين اختلافا كثيرا، فقيل في ذات الأب: إنها تخرج بالحيض من ولاية أبيها، وقيل: إنها لا تخرج به من ولايته حتى تتزوج ويدخل بها زوجها ويمر بها بعد دخول زوجها بها العام ونحوه، وقيل: حتى يمر بها بعده العامان، وقيل: حتى يمر بها بعده سبعة أعوام، وقيل: إنها لا تخرج من ولايته وإن طالت إقامتها مع زوجها حتى يشهد العدول على صلاح حالها، وقيل: إنها تخرج من ولايته إذا عنست وإن لم يدخل بها زوجها.
واختلف في حد تعنيسها فقيل: أربعون عاما، وقيل: من الخمسين إلى الستين، وقيل: إن أفعالها جائزة بعد البلوغ، وقيل: إنها لا تجوز حتى تتزوج ويدخل بها زوجها ويمر بها بعد دخوله بها العام ونحوه، وقيل: العامين ونحوهما، وقيل: الثلاثة الأعوام ونحوها، وقيل: إنها لا تخرج من الولاية وإن تزوجت ودخل بها زوجها حتى يشهد العدول على صلاح أمرها، وهو الظاهر من هذه الرواية على ما بيناه، وقيل: إنها تجوز إذا عنست وإن لم تتزوج.
واختلف في حد تعنيسها من الثلاثين سنة ومما دون الثلاثين إلى الخمسين والستين، وهو حد انقطاع المحيض عنها.
فهذه ستة أقوال، ويتخرج فيها قول سابع أيضا وهو أن تجوز أفعالها بمرور سبعة أعوام من دخول زوجها بها.
والمشهور في البكر ذات الأب أنها لا تخرج من ولاية أبيها ولا تجوز أفعالها وإن تزوجت حتى يشهد العدول على صلاح أمرها.
والذي جرى به العمل عندنا أن تكون أفعالها جائزة إذا مرت سبعة أعوام أو نحوها من دخول زوجها بها على رواية منسوبة إلى ابن القاسم، والمشهور في البكر اليتيمة المهملة أن تكون أفعالها جائزة إذا عنست أو مضى لدخول زوجها بها العام ونحوه، وهذا الذي جرى به العمل.
فإن عنست في بيت زوجها جازت أفعالها باتفاق إذا علم رشدها أو جهل حالها، وعلى اختلاف إذا علم سفهها.
وإذا مات الأب فإن عنست في بيت زوجها جازت أفعالها باتفاق إن علم رشدها أو جهل حالها، وردت إن علم سفهها.
هذا الذي أعتقده في هذه المسألة على منهاج قولهم، وبالله التوفيق.