القاسم فيما اختاره وأخذ به ورجع إليه في الذي يعتق وعليه دين لا يستغرق العبد المعتق، ثم يستدين بعد العتق دينا آخر، من أنه لا يباع للغرماء الأولين ثانية، بما انتقصهم به الغرماء الآخرون مما بيع لهم، إذ لا فرق بين المسألتين؛ لأن الدين يرد التدبير، والجناية أولى بذلك، وكذلك دين الأولين، يرد العتق، والغرماء الآخرون أولى ببعض ذلك، فإذا وجب في مسألة الجناية أن يباع من المدبر ثانية لأهل الدين بما أخذ منهم أهل الجناية، وجب في مسألة العتق أن يباع للغرماء الأولين ثانية بما أخذه منهم الغرماء الآخرون، فترد المسألة المختلف فيها إلى المسألة المتفق عليها.
هذا معنى قوله دون لفظه، وليس قوله عندي بصحيح، والفرق بين المسألتين على ما اختاره ابن القاسم، وأخذ به في مسألة العتق، أن العتق لا يرده الدين الحادث بعده إذا مات المدبر، والمدبر مملوك، والمعتق حر، فلا يعود عليه دين حدث بعد عتقه، ودين الآخرين حدث بعد عتقه، فإذا دخلوا على الأولين، كان ما انتقصهم دينا حدث لهم على المعتق، فلا يرد العتق به؛ لأن الذي حدث للأولين من الدين إنما هو من أخذ الآخرين، ودين الآخرين بعد العتق، فلا يرد العتق من أجله؛ لأن ذلك ظلم للعبيد، وهو قوله في الرواية ورآه ظلما، يريد ظلما للعبيد في أن يرد عتقهم بدين حادث بعد عتقهم.
والتدبير بخلاف ذلك؛ لأنه يرده كل دين حدث بعده إذا مات السيد المدبر، ويتخرج في مسألة العتق عندي قول ثالث، وهو ألا يكون للغرماء الآخرين دخول على الغرماء الأولين في ثمن ما بيع لهم من العبد المعتق؛ لأنه إنما بيع لهم، فمصيبة الثمن منهم إن تلف، على معنى ما في المدونة في ثمن الرهن يضيع بيد الذي أمره السلطان ببيعه، أن مصيبته من المرتهن الذي بيع له، لا من الراهن الذي بيع عليه، ويلزم في مسألة العتق على قياس قوله فيما لو تلف الثمن في يد البائع قبل أن يدفع إلى الغرماء الأولين أن تكون مصيبته من الغريم المعتق، فيباع بذلك من العبد المعتق ثانية.
ووجه إيجابه للغرماء الآخرين الدخول على الغرماء الأولين في ثمن ما بيع لهم من العبد المعتق أو العبيد المعتقين أنه إنما بيع ذلك لجميعهم، ولو بيع للأولين ولم يعلم بدين الآخرين إلا بعد البيع