أو مات بأرض غربة، أو غفل عن وصية يكون ولده أدنى حرمة ممن أوصي بهم، وهذا عظيم، وهو الذي سمعت من غيري وهو رأيي، والحق بَيِّنٌ نَيِّرٌ.
قال الإمام القاضي: الظاهر من قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن كان الأب ليس بسفيه ولا مولى عليه جاز بيعه، أنه إن كان مولى عليه، لم يجز بيعه ولا فعله وإن علم رشده، خلاف ما تقدم من قوله في رسم جاع فباع امرأته من سماع عيسى من أن أفعال المولى عليه جائزة إذا علم رشده، فلم يعتبر في رواية عيسى بالولاية ولا بعدمها، واعتبر حاله في حين قضائه، واعتبر في هذه الرواية بالولاية ولم يعتبر بعدمها وهي رواية زونان عنه: أن من لزمته ولاية وصي من أب أو سلطان لا يحلها عنه إلا السلطان.
والمشهور من قول مالك أنه يعتبر بالولاية وبعدمها، فلا تجوز أفعال المولى عليه وإن علم رشده، وتجوز أفعال الذي ليس بمولى عليه وإن علم سفهه، فقف على تحصيل هذه الثلاثة الأقوال، فإنها جيدة دقيقة خفية قل من يعرفها ويحصلها.
وقوله: ولم يكن للابن أن يرده إن كبر إذا كان نظرا له، يدل على أن الأب في بيع عقار ابنه بخلاف الوصي في بيعه عقار يتيمه، إذ لا يجوز للوصي أن يبيع عقار يتيمه إلا لوجوه معلومة قد حصرها أهل العلم بالعد لها.
واختلف الشيوخ المتأخرون هل يصدق الوصي فيها أم لا؟
فقيل: إنه يصدق فيها ولا يلزمه إقامة البينة عليها، وقيل: إنه لا يصدق فيها ويلزمه إقامة البينة عليها.
وأما الأب فيجوز بيعه عقار ابنه الذي في حجره إذا كان بيعه على وجه النظر، من غير أن يحصر وجوه النظر في ذلك بعدد، وفعله في ذلك على النظر حتى يثبت خلافه، مليا كان أو مفلسا على ما نص عليه في الرواية.
وقوله: ويكون لأبيه أن يحاسبه؛ فما أنفق عليه إن شاء عند ذلك من يوم باع - يدل على أنه لا يكون له عنده أن يحاسبه بما أنفق عليه قبل أن