قال الإمام القاضي: قوله أرى أن يحلف الرسول على الدفع ويقبل قوله ويعدى الغرماء على أهل الرجل إن أقروا، خلاف المشهور من قول ابن القاسم المعلوم من مذهبه وروايته عن مالك في أن من دفع مالا إلى رجل وأمره أن يدفعه إلى غيره أن عليه ما على ولي مال اليتيم من الإشهاد بقوله عز وجل:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا}[النساء: ٦] ... الآية، وأنه لا يبرأ من المال ولا يصدق بدفعه إلى المأمور إذا أنكر المأمور القبض، مثل قول ابن الماجشون فيمن بعث ببضاعة مع رجل إلى رجل أنه لا يلزمه الإشهاد في دفعها إليه، وهو مصدق وإن أنكر القابض كانت دينا أو صلة.
ويمكن أن يقول ابن القاسم مثله في المعنى من مسألة اللؤلؤ الواقعة في كتاب الوكالات من المدونة؛ لأنها تقتضي تعمير ذمة الآمر بقول المأمور قد فعلت ما أمرتني به.
وإذا وجب أن يعمرها بقوله قد فعلت ما أمرتني به من الشراء وجب أن تخلى ذمة نفسه بقوله قد فعلت ما أمرتني به من الدفع. وإذا وجب أن تخلى ذمته بقوله فإخلاء أمانته بقوله أوجب.
ومن رواية عيسى عنه في كتاب الخيار في الذي يشتري الثوب من الثوبين على أن أحدهما قد وجب عليه يختاره فيضيع أحدهما فيدعي أنه قد كان اختار هذا الباقي ورضيه أنه يصدق في ذلك.
وقد رأيت للقاضي ابن زرب في هذه المسألة أنه قال إنما صدق الرسول على الدفع؛ لأنه إنما وكله على دفع نفقتهم على ما كان يدفعها هو، وليس من شأن الأزواج والآباء أن يدفعوا النفقات بالبينات إلا أن تكون الزوجة قد رفعت أمرها إلى الإمام فاستعدته على الزوج.
فإن لم يعلم الرسول بذلك ودفع بدون بينة فأنكرت الزوجة حلف وبرئ أيضا، وغرم الزوج للمرأة نفقتها بعد يمينها، ولم يكن له الرجوع على الرسول.
وإن كان الرسول قد علم برفع المرأة أمرها إلى الحاكم ودفع دون بينة فأنكرت المرأة ضمن للزوج؛ لأنه حينئذ متعد بتفريطه.
قال غيره من الشيوخ على قياس قوله ولو ادعى على الرسول أنه علم برفعها إلى الإمام وأنكر ذلك حلف الرسول ما علم بذلك ثم يحلف