فداين الناس وكان لرجل علي مائة دينار فأحلته بها على عبدي ثم فلس العبد. قال: يحاص الذي كان له عليك المائة مع غرماء العبد فيما في يد العبد.
قيل له: فإنه حاص فصار له في المحاصة نصف حقه، قال: يرجع على السيد بنصف الحق ويرجع غرماء العبد على السيد بما صار لغريمه في المحاصة وهو خمسون دينارا؛ لأنه هو الذي أدخله عليهم، فإن لم يكن عنده شيء باعوا من العبد ما كان لهم أن يرجعوا به على السيد.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، ولا تصح إلا على معنى ما، وهو أن يكون السيد أحال غريمه على عبده ولا دين له عليه، فلما فلس العبد لم يعلم إن كانت الإحالة قبل ديون الغرماء فيكون من حق المحال أن يحاص الغرماء ولا يكون للغرماء رجوع على السيد بشيء، أو بعد ديون الغرماء فلا يكون للمحال محاصة الغرماء، والسيد مقر أن الإحالة كانت بعد ديون الغرماء والمحال منكر لذلك ومدع أن الديون إنما لحقت العبد بعد الإحالة. فعلى هذا التأويل تستقيم المسألة.
وقد قال فيها ابن دحون: إنها مسألة غير مستقيمة؛ لأنه إن كان أحال الغريم على دين له على العبد فليس للمحال رجوع ولا للغرماء رجوع على السيد بما وقع للمحال في المحاصة، وإن كان أحاله على ماله الذي في يدي العبد فلا يخلو أن يكون ذلك قبل أن يتداين العبد أو بعد أن يتداين، فإن كان قبل أن يتداين فلم يقبض المحال حتى فلس العبد فلا رجوع له ولا للغرماء على السيد بما يقع للمحال في المحاصة؛ لأنه أحد أهل دين العبد، وإن كان بعد أن تداين العبد أحال عليه فذلك لا يجوز على الغرماء؛ لأنهم أولى بما في يدي العبد من السيد وممن أحاله السيد.
وليس قوله بصحيح لاحتمال المسألة سوى الوجوه التي قسم المسألة إليها وفسرها على معنى ما في المدونة وما في سماع ابن القاسم من كتاب الكفالة والحوالة.
فمن الوجوه التي تحتملها الوجه الذي ذكرنا أنه تصح عليه المسألة، وهو أن السيد أحال غريمه على العبد على غير أصل دين كان له على العبد؛ لأن الحوالة على غير أصل