عليه بدليل ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أنه قال:«لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» ، لا يعتق عليه ويباع للغرماء في الوجهين جميعا.
وعلى هذا الاختلاف يأتي الاختلاف الواقع في كتاب العتق الأول من المدونة في الذي يشتري أباه وعليه دين يغترقه، هل يرد البيع أو يباع عليه في الدين؟
وإذا اشتراه وليس عنده ثمنه كله هل يرد البيع أو يباع منه ببقية الثمن للبائع ويعتق الباقي؟
فذهب مالك إلى أنه يرد البيع في المسألتين جميعا على قياس القول بأنه لا يصح أن يتقرر له عليه ملك، وذهب ابن القاسم إلى أنه يباع عليه إذا اشتراه وعليه دين ويباع عليه منه ببقية الثمن للبائع وبعتق الباقي إذا اشتراه وليس عنده ثمنه كله.
وقد تأول بعض الناس على ما في المدونة لمالك بظاهر قوله فيها إنه فرق بين المسألتين، فقال في الذي يشتري أباه وعليه دين: إنه يباع عليه في الدين، وفي الذي يشتريه وليس عنده ثمنه كله: إن البيع يرد، وليس ذلك بصحيح، إذ لا وجه للتفرقة بين المسألتين كما لا وجه للتفرقة بين الميراث والهبة.
وإنما أدخل سحنون قول المخزومي في المدونة حجة لمالك على ابن القاسم في المسألتين جميعا.
ويتخرج على قياس القول بأن من ملك من يعتق عليه لا يكون حرا بنفس الملك حتى يعتق عليه أنه لا يحد إن كانت أمة فوطئها عالما بوجوب عتقها عليه خلاف ما في سماع عيسى من كتاب الحدود من أنه يحد إلا أن يعذر بجهالة ولو اشترى الرجل من يعتق عليه من ورثته وهو صحيح أو مريض بثلث ماله فأقل فلم يعلم بذلك حتى مات، ورثه على القول بأنه حر بنفس الشراء، ولم يرثه على القول بأنه لا يكون حرا حتى يعتق.
وقد اختلف إذا اشتراه في مرضه بثلث ماله فأقل وعلم بذلك قبل أن يموت، فقيل: إنه يعجل له العتق في مرضه ويرث، وهو ظاهر ما في المدونة، وقيل: إنه لا ميراث له بحال؛ لأن فعل المريض لا ينظر فيه إلا بعد الموت وهو قول أشهب، وقيل: إنه ينظر فيه بعد الموت فإن خرج