حاباه بها في مرضه، إذ لا مال به سواها، فوجب ألا يكون له إلا ثلثها يقطع له بذلك في الدار، وكان وجه العمل في ذلك على ما قال، إن لم يجز الورثة البيع أن يباع من الدار للمشتري بالمائتين التي استنفقها الميت على التنقيص بأن يقال للمشترين كم تأخذون من هذه الدار بمائتين؟ فيقول أحدهم: أنا آخذ خمسة أسداسها بمائتين، ويقول الآخر: أنا آخذ أربعة أخماسها بذلك، ويقول الآخر: أنا آخذ ثلاثة أرباعها بذلك، ويقول الآخر: أنا آخذ ثلثيها بذلك، ويقول الآخر: أنا آخذ نصفها بذلك، فإذا وقفت على ما وقفت عليه من الأجزاء بيع منها ذلك الجزء بالمائتين ودفعت إلى المشتري، وكان له ثلث ما يبقى من الدار، السدس إن كان بيع منها بالمائتين النصف، والتسع إن كان بيع منها بالمائتين الثلثان، ونصف السدس إن كان بيع منها بالمائتين الثلاثة الأرباع، ويكون للورثة ما بقي، الثلث أو التسعان أو السدس، وهذا على القول بأن من أوصي له بشيء بعينه فلم يحمله الثلث ولا أجازه الورثة يقطع له بالثلث في الذي أوصي له به.
وأما على القول بأنه يكون له شائعا في جميع مال الميت فتباع الدار كلها فيعطى المشتري من ذلك المائتين التي استنفق الميت وثلث ما بقي إذ لا مال له سوى الدار، ولا يكون على ظاهر هذه الرواية للورثة أن يلزموا المشتري أن يأخذ في المائتين من الدار ما يجب لهما منها بغير رضاه ولا له أن يلزمهم ذلك بغير رضاهم، خلاف ظاهر ما في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا.
وقد رأيت لابن دحون أنه قال في قول سحنون في هذه المسألة: لا يتم هذا الجواب حتى يكون المشتري يبرأ إليهم بما اشترى ويطلب رأس ماله فهناك تباع الدار ويعطى رأس ماله وثلث ما يبقى، فكأنه ذهب إلى أن يفسر قول سحنون هذا بما في سماع أبي زيد، وما في سماع أبي زيد بقول سحنون، والظاهر أنه اختلاف.
واختلف أيضا إن أراد المشتري أن يزيد ما حاباه به الميت زائدا على الثلث ويستخلص البيع هل يكون ذلك له أم لا؟ على قولين: أحدهما: أن ذلك له وهو قول ابن القاسم في سماع سحنون من كتاب الشفعة، والثاني: أن ذلك ليس له وهو ظاهر ما في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا، وبالله التوفيق.