وكذلك المركب من الروم يرسي بساحلنا معهم الخمر وغير ذلك أن السلطان لا يجبرهم على بيعها للعشور، ولكن يوكل من يتحفظ بها حتى إذا بيعت أخذ من ثمنها العشور.
قال محمد بن رشد: أما قوله في الذي يكون له على النصراني الدين فيموت ويترك خمرا وخنازير: إن السلطان لا يجبر ورثته على بيع الخمر والخنازير، ولكن صاحب الدين يتربص بورثة الميت فإذا باعوا وصارت الخمر والخنازير مالا قضى السلطان على الذين باعوها بدفع الدين إلى المسلم - فهو صحيح بيّن في المعنى؛ لأن دين صاحب الدين ليس في عين الخمر والخنازير، وإنما هو في ذمة الميت، ولو كان في عين الخمر والخنازير لما وجب أن يبيعها ليستوفي حقه منها، ولما كان الواجب في ذلك، إلا أن يأخذ حقه منها المتعين له فيها فيهرق الخمر ويقتل الخنازير أو يسرحها إن لم يقدر على قتلها وتغييب جيفها، وخشي أن يضر ذلك بالناس.
وأما قوله في المركب من الروم يرسي بساحل المسلمين ومعهم الخمر وغير ذلك للبيع: إن السلطان لا يجبرهم على بيعها للعشور، ولكن يوكل من يتحفظ بها حتى إذا بيعت أخذ من ثمنها العشر، فهو بعيد، إلا أن يكون معنى ذلك أنهم صولحوا على أن يؤخذ منهم العشر إذا باعوا كأهل الذمة.
وأما إن كانوا صولحوا على العشر فالواجب أن يؤخذ منهم عشر ما معهم من الخمر والخنازير فتكسر الخمر وتقتل الخنازير أو تسرح؛ لأن المسلمين أشراك لهم في جميع ما نزلوا به باعوا أو لم يبيعوا، هذا قول ابن القاسم في سماع عيسى وسحنون وأصبغ من كتاب التجارة إلى أرض الحرب.
ألا ترى أنهم يمنعون عنده من وطء جواريهم للشرك الذي للمسلمين معهم، وأنهم إن أرادوا الرجوع بمن معهم من الرقيق أو بما معهم من الأموال قبل البيع أخذ منهم العشر من ذلك كله وانطلقوا بما بقي.
وقد قال سحنون في نوازله من كتاب القراض في النصراني يقارض النصراني، فيشتري المقارض بمال القراض خمرا أو خنازير ثم يسلم صاحب المال: إن ذلك مصيبة نزلت