قضيت حق فلان، وقال الطالب: ما قبضت منك إلا مبهما، رأيت أن يكون ثلث ما قبض عن كل صك؛ لأنه كان يقتضيه إياها كلها وهي حالّة.
وإن كان قضاه إياها ومنها الحالّ والآجل فهي من الحق الحال وليست من الآجل، وليس يقبل قول القاضي إنما قضيتك حق فلان؛ لأنه الآن يحابي من أحب منهم.
ولو أنه حين أتاه بالمال قال: أقضيك حق فلان - كان القول في ذلك قول القاضي؛ لأنه مال يقضي القاضي أيها شاء إلا أن يكون المطلوب مخوفا فيكون المال بينهم.
وكذلك لو مات الطالب قبل أن يبين من أي شيء اقتضى كان المال على الصكوك كلها إذا كانت حالّة، وإن ادعى القاضي غير ذلك. قال: فإن ماتا جميعا فكذلك يكون أيضا.
قال محمد بن رشد: في بعض الكتب: ولو أنه حين أتاه بالمال قال أقضيك حق فلان كان القول في ذلك قول الطالب؛ لأنه مال فيقتضي القابض أيه شاء.
والأول أصح؛ لأن القاضي وهو الدافع أملك بالقضاء، فوجب أن يكون من حقه أن يدفع أيها شاء إذا نازعه الطالب في ذلك عند القضاء.
وأما إذا اختلفا بعد القضاء، فقال القاضي: إنما قضيتك حق فلان، وقال الطالب: ما قبضت منك إلا مبهما - فالقول قول الطالب مع يمينه يحلف ما قبض إلا مبهما ويكون ذلك مفضوضا على الصكوك كلها، ولا يصدق الدافع القاضي؛ لأنه مدع ويتهم أيضا بمحاباة الذي يدعي أنه قضى عنه.
وكذلك لو قال الطالب: إنما قبضت حق فلان وقال القاضي: بل قضيتك مبهما - كان القول قوله مع يمينه ومضى ذلك على الصكوك كلها.
ولو اختلفا فقال الطالب: إنما دفعت إلي حق فلان، وقال القاضي: بل دفعت إليك حق فلان لوجب أن يفض ذلك على الصكوك جميعا بعد يمين كل واحد منهما على دعواه أو نكولهما جميعا عن اليمين، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين كان القول قول الحالف منهما.
وهذا كله على قياس قول ابن القاسم في هذه الرواية ومذهبه في المدونة وروايته عن مالك فيهما. وقد