مضت، ولم يكن للراهن عليها سبيل، وإن كانت قائمة بيد المشتري لم تفت بوجه من وجوه الفوت، كان للراهن أن يأخذها بالثمن، وهو قول مالك الثاني الذي رجع إليه هاهنا. والثالث إن ذلك جائز في العروض إذا أصاب وجه البيع، ومردود في الأصول، فاتت أو لم تفت، وهو قول أشهب؛ لأنه قال: إن فاتت كان بائعها ضامنا. ومعنى قوله عندي: إن له أن يأخذها حيث وجدها، وعلى أي حال وجدها بالثمن الذي باعها به الراهن، واستوفاه لنفسه في حقه. ويكون الرجوع بالدرك عليه إن كان في ذلك درك، مثل أن يجد الدار في يد المشتري مهدومة، وقد اشتراها قائمة بمائة، وقيمتها مهدومة على ما وجدها عليه خمسون، فيدفع إلى المشتري المائة التي اشتراها به، ويرجع على البائع بخمسين، وإن وجدها عند مشتر اشتراها من المشتري من الراهن بأكثر من الثمن الذي باعها به الراهن، أخذها من المشتري الثاني بالثمن الذي اشتراها به المشتري الأول من الراهن، وانتقض البيع الثاني فيها، فرجع المشتري الثاني الذي أخذت من يده الدار، ببقية ثمنه، على الذي باع منه وهو المشتري الأول.
وإنما وقع هذا الاختلاف في توكيل الراهن للمرتهن، على بيع الرهن عند حلول الأجل، من غير مؤامرة سلطان، من أجل أنها وكالة اضطرار، لحاجته إلى ابتياع ما اشتري أو إلى استقراض ما اقترض أو إلى التأخير بما حل عليه من الدين بعد حلوله، ولأن الرهن لا يباع على الراهن إلا إذا أدى في بيعه أو بعد غيبته، ولم يوجد له مال يقضى عنه الدين منه فيحتاج إلى البحث عن ذلك وعن قرب غيبته من بعدها، وذلك ما لا يفعله إلا القاضي، فأشبه ذلك حكمه على الغائب. ولو طاع الراهن للمرتهن بعد البيع وقبل حلول أجل الدين بأن يرهنه رهنا ويوكله على بيعه عند حلول أجل دينه دون مؤامرة سلطان لجاز ذلك باتفاق؛ لأن ذلك كله معروف من الراهن المرتهن في الرهن والتوكيل على البيع. وبالله التوفيق.