لصاحب الرهن بينة، أنه إنما أمره بدينارين، غرم دينارين، وأخذ رهنه، واتبع المرتهن الرسول بثلاثة دنانير، وإن لم تكن له بينة على ما أمره به وهو مدع أنه أمره بدينارين، وله البينة على أن الرهن له، والرسول يقول: إنما أمرتني بدينارين، ورهنته بخمسة، أحلف أنه لم يأمره إلا بدينارين، ثم غرم قيمة الرهن إن كانت قيمته أدنى من خمسة دنانير، وأخذ رهنه، واتبع المرتهن الرسول بما نقص من الخمسة دنانير، واتبعه صاحب الأصل بما غرم فوق الدينارين التي زعم أنه رهنه بهما، وإن كان قال الرسول: أمرتني بخمسة، وقال الآمر: لم آمرك بدينارين، كان القول قول الرسول مع يمينه، وقيل لهذا: افد رهنك أو دعه. فإن فداه لم يتبع الرسول بقليل ولا كثير، إذا حلف أنه أمره بخمسة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها مستوفى في أول سماع ابن القاسم، والأصل فيها أن الرهن شاهد لمرتهنه إلى مبلغ قيمته إذا اختلف مع الراهن فيما رهنه به عنده، والرهن قائم بيده، أو بيد من جعلاه على يده، لم يستحق، ولا تلف تلافا لا يلزمه غيره، ولا يخلو اختلافهما من أربعة أحوال: أحدها: أن يدعي المرتهن أكثر من قيمة الرهن، والراهن أقل من قيمة رهنه، والثاني: أن يدعي المرتهن قيمة الرهن فأقل، والراهن أقل من ذلك، والثالث: أن يدعي المرتهن أكثر من قيمة الرهن والراهن قيمة الرهن. والرابع: أن يدعيا جميعا أكثر من قيمة الرهن.
فأما إن ادعى المرتهن أكثر من قيمة الرهن، والراهن أقل من قيمته. مثال ذلك: أن تكون قيمته عشرة، فيدعي، المرتهن أنه ارتهنه بخمسة عشر، ويقول الراهن: بل رهنته إياه بخمسة، فالحكم في ذلك أن يقال للمرتهن: احلف لقد أرهنته بخمسة عشر، فإن حلف على ذلك، قيل للراهن: احلف لقد رهنته إياه بخمسة، فإن حلف على ذلك، فقيل: إنه يلزمه غرم قيمة