فيريد المرتهن قبضه على رهنه كما هو، ويأبى ذلك الراهن، ويقول: قد فسخت رهنك، وعاريتك إياي ترد، قال: لا أرى له رهنا ولا أرى له أخذه، إلا أن يرده إليه طائعا، وإن فلس قبل أن يرده إليه، لم يكن له رهن، وكان إسوة الغرماء، وقد اختلف في إن رده إليه بعد ذلك وفلس، هل يكون رهنا أو لا يكون رهنا؟ فمالك قال: ليس برهن، والغرماء أولى به، وهو معهم إسوة، وأما أنا فأحب إلي أن يكون رهنا إن هو حازه قبل أن يفلس. وفي كتاب أسد: قلت لابن القاسم: أيكون على الراهن أن يرده ويكون للمرتهن أن يقوم على الراهن فيأخذ رهنه؟ قال: لا إلا أن يكون أعاره على ذلك.
قال محمد بن رشد: الرهن لا يكون إلا مقبوضا لقول الله عز وجل {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣] فإذا صرف المرتهن الرهن إلى الراهن بعارية أو إجارة أو إيداع، فقد نقض رهنه، وأبطله وأخرجه عن أن يكون رهنا، فإن أراد أن يقوم عليه بعد ذلك، فيأخذ منه رهنه ليرده إلى حالته الأولى، فأما في العارية فليس له ذلك، أراد أن يأخذه منه قبل أن ينتفع به الراهن القدر الذي يرى أنه إنما أعاره إياه لذلك، ولا اختلاف في هذا، بخلاف إذا أعار الرجل متاعه لرجل، ثم أراد أن يأخذه منه قبل أن ينتفع به، فقد قيل: إن ذلك له، وهو الذي يأتي على ما في كتاب العارية من المدونة؛ لأنه قال فيها: إن الرجل إذا أعار أرضه رجلا على أن يبني فيها، إن له أن يخرجه منها قبل أن يبني، وبعد أن يبني، ويعطيه قيمة بنيانه قائما إلا أن يكون قد مضى في المدة ما يرى أنه أعاره إلى مثله، فيكون له قيمة بنيانه منقوضا. وقيل إنه ليس له أن يخرجه منها بنى أو لم يبن حتى يمضي لعاريته من الأجل، ما يرى أنه أعاره إلى مثله. وأما إن أراد أن يأخذه منه بعد أن انتفع به الراهن القدر الذي يرى أنه أعاره إليه لذلك، ففي ذلك اختلاف. قال ابن القاسم في هذه الرواية: وفي المدونة