بعشرين دينارا؛ وأنكر الراهن أن يكون رهنه بأكثر من عشرة دنانير؟ فقال: إذا هلك الرهن هلاكا ظاهرا يشهد به العدول حتى يبرأ بذلك المرتهن من ضمان الرهن، فلا حق له على الغريم الراهن، إلا ما أقر له به مع يمينه، أو ما أثبتته البينة، وإنما جعله مالك مصدقا فيما يدعي فيما بينه وبين قيمة الرهن، إذا كان هلاك الرهن غير معروف، ووجب ضمانه على المرتهن، فعند ذلك يصدق المرتهن مع يمينه فيما ادعى ما بينه وبين قيمة الرهن.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما تقدم في سماع عيسى من أن الرهن إنما يكون شاهدا لمرتهنه إذا كان قائما بيده لم يفت، أو كان قد فات وادعى ضياعه، وهو مما يغيب عليه، فلزمته قيمته؛ لأن القيمة الثانية في ذمته، كالرهن القائم في يديه. وأما إن استحق من يده أو تلف تلفا ظاهرا؛ كان مما يغاب عليه، أو ادعى ضياعه وهو مما لا يغاب عليه، فصدق في ذلك مع يمينه، وسقط عنه ضمانه، فلا يكون شاهدا له. وهذا مما لا أعرف فيه نص خالف في المذهب، وهو بين، على القول بأن الرهن لا يكون شاهدا على ما في الذمة، وإنما يشهد على نفسه، وأما على القول بأنه يشهد على ما في الذمة، وهو ظاهر قول مالك في أول سماع ابن القاسم على ما ذكرناه هناك، فيتخرج على قياسه أن يكون شاهدا له بقيمته يوم رهنه، كان قائما بيده لم يفت باستحقاق ولا غيره، أو كان قد استحق أو تلف لزمته قيمته أو لم تلزمه، وهو القياس، إن كانوا لم يقولوا ذلك؛ لأنه إنما يكون شاهد له من أجل أنه يدل على صدق دعواه؛ لأنه يقال للراهن: إذا قال: إنه رهنه بخمسة في التمثيل، وادعى المرتهن أنه ارتهنه بعشرة، والرهن يساوي عشرة، قول المرتهن أشبه من قولك، إذ لو لم يكن له عليك إلا خمسة فما رهنته بها رهنا قيمته عشرة، فوجب على هذا التعليل، ألا يلتفت إلى ما أصاب الرهن بعد ذلك من نقصان قيمته بحوالة الأسواق، أو تلافه، أو استحقاقه. وبالله التوفيق.