صاحب الدار فالكراء له لازم، وذلك فساد لرهنه، ولا رهن له فيها ما دامت في يديه، وإن كان ذلك من أجنبي من الناس، وصح ذلك، فذلك جائز.
قال الإمام القاضي قوله: إنه كان المكتري الذي اكتراها من المرتهن، فأكراها من الراهن من سبب الراهن، فالكراء لازم له، والرهن يفسخ، صحيح على ما في المدونة، من أن من حلف ألا يبيع من رجل سلعة، فباعها من رجل اشتراها للمحلوف عليه، إنه حانث، إن كان الرجل الذي باعها منه من سبب المحلوف عليه؛ لأنه إذا أكراها ممن هو من سبب الراهن، فكأنه قد أكراها من الراهن، وهذا بيّن إذا علم أنه من سببه، وأما إذا لم يعلم أنه من سببه، فيجري الأمر في انفساخ الرهن على الاختلاف في تحنيث الحالف، فأشهب يقول: إنه لا حنث عليه، وروى ذلك عن مالك، وظاهر ما في المدونة أنه حانث. والاختلاف في هذا عندي إنما يرجع إلى تصديقه في دعواه أنه لم يعلم أنه من سببه. وفي قوله: ولا رهن له فيها ما دامت في يديه، دليل أنه إن انقضى الكراء، فرجعت إلى المكتري الأول، الذي أكراها منه المرتهن، أو إلى المرتهن، ترجع على الرهن، وهذا مما لا اختلاف فيه، بخلاف إذ أراد الراهن إليه باختياره، قبل انقضاء أجل كرائه.
وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك، وتوجيهه في رسم العتق من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته. وأما قوله: وإن كان ذلك من أجنبي وصح فذلك جائز، فالمعنى في ذلك أن الكراء يجوز ولا ينفسخ الرهن، وإنما لم ينفسخ الرهن وإن كان قد صار بيد الراهن؛ لأن المرتهن مغلوب على ذلك بما لزمه من عقد الكراء، فأشبه ما لو سرقه الراهن، فلم يعلم المرتهن بذلك حتى قام عليه الغرماء، إن الرهن لا ينفسخ، أو لو كان عبدا فأبق من عند المرتهن، فأخذه الراهن، ولم يعلم بذلك المرتهن. وقد مضى بيان هذا في رسم بع ولا نقصان عليك من سماع عيسى فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.