قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه الرواية، وروايته عن مالك في أن الأمة المستحقة إذا ماتت في يد المستبرئ، بعد أن أثبتها المستحق؛ أن ضمانها منه، ويرجع المستبرئ الذي كانت بيده على بائعها منه بالثمن: هو قول مالك في موطاه، وقول غير ابن القاسم في كتاب الشهادات من المدونة.
وقد مضى في رسم الشجرة تحصيل الاختلاف في الحد الذي يدخل به الشيء المستحق في ضمان المستحق، فلا معنى لإعادة ذلك. وقول ابن القاسم: ويرجع الذي كانت الجارية في يديه على البائع بالثمن، وذلك إذا كان الذي استحقت في يديه منتفيا من وطئها إلى آخر قوله، مفسر لقول مالك، ويأتي على ما في سماع أشهب من كتاب العيوب، في أن ضمان المردودة بالعيب من البائع، وإن كان المبتاع الراد لها بالعيب قد وطئها إذا ماتت قبل أن يتبين بها حمل أن يكون ضمان الجارية المستحقة من المستحق إذا ماتت بعد أن أثبتها على هذه الرواية، أو بعد أن حكم له بها على القول بأنها لا تدخل في ضمانه حتى يحكم له بها، وإن كان المبتاع المستحق منه قد وطئها إذا كان موتها قبل أن يتبين بها حمل.
وهذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الموطوءة هل هي محمول على الحمل حتى يتبين أنه ليس بها حمل، أو على غير الحمل حتى يتبين أن بها حملا؟ فذهب ابن القاسم إلى أنها محمولة على الحمل حتى يتبين أنه ليس بها حمل، وهو المشهور، وقد قال مالك في المدونة: جل النساء على الحمل. وذهب أشهب إلى أنها محمولة على غير الحمل، حتى يتبين بها حمل، فهذا وجه القول في هذه المسألة، ولو أقام المستحق البينة عليها بعد موتها؛ لكانت مصيبتها من الذي كانت في يديه، ويرجع المستحق لها بالثمن على البائع أو بالقيمة إن كانت أكثر من الثمن إن كان غاصبا، قاله ابن القاسم في سماع عيسى، من كتاب الدعوى والصلح نصا. وذلك ما لا اختلاف فيه، وبالله التوفيق.