ترجع علي بالثمن، وأنت تعلم أني إنما بعتك عبدي وتلادي، وإنما هذا رجل استحقه ظلما، أو ابتاع ثوبا من رجل فاستحقه رجل في يديه، فشهد المبتاع مما حاك البائع، أو ابتاع منه دارا، فاستحقت في يديه، فشهد المبتاع أنها دار البائع، ودار أبيه وجده. من قبله حطهم، هل يرجع على صاحبه بالثمن في هذا كله؟ وصاحبه يقول: أنت تعلم إنما بعتك مالي، وإنما هذا ظالم، أخرج هذا الحق من يديك، قال: لا أرى أن يرجع عليه في جميع هذه الأموال بشيء؛ إذا كان يعلم أنها أخرجت من يديه بظلم، وأن الحق حق البائع.
قال محمد بن رشد لأشهب في المجموعة: إن له أن يرجع على البائع، وإن علم صحة الظلم الذي قام به المستحق، ولا يضره ذلك؛ لأن البينة قد شهدت أن البائع باع ما ليس له، وذلك مثل قوله، وقول ابن وهب، في سماع عبد المالك، من كتاب الكفالة والحوالة، على ما كان يذهب إليه الشيوخ في ذلك. والذي أقول به: إن مسألة سماع عبد المالك لابن وهب وأشهب، لا تعارض هذه المسألة؛ لأنها مسألة أخرى خارجة عن هذا الاختلاف، على ما سنبينه إن شاء الله.
ومثله لسحنون في نوازله، من كتاب جامع البيوع، ولعيسى بن دينار في نوازله، من كتاب الدعوى والصلح، في بعض الروايات. وقد قال بعض أهل النظر: إنما لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الكفالة والحوالة في الحميل يدفع ما تحمل به بحضرة الغريم، فيجحد ويغرمه ثانية؛ أنه يرجع على الغريم بما أدى أولا وثانية، هو على قياس قول أشهب في هذه المسألة، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه إنما أرجعه على الغريم بالعشرة الأولى والثانية، لما دفع كل واحدة منهما بحضرته، من أجل أنه رأى الإشهاد يتعين عليه، من أجل أن الدفع كان عنه بحضرته، خلاف ما في سماع عيسى في الكتاب المذكور، من أن الإشهاد في ذلك إنما يتعين