وأما قول ابن القاسم: إنه لا يكون شريكا معه فيها، وإنما عليه نصف قيمة الدابة فاتت أو لم تفت؛ يريد يوم الحكم، وإلى هذا ذهب أبو إسحاق التونسي. وقيل: إنه القياس، فمعناه إذا كانت الدابة قائمة لم تفت، إن ذلك من حق المشتري للدابة من أجل الضرر الداخل عليه في مشاركة البائع له فيها، وأما إن أبى من ذلك، فليس للبائع إلا أن يشاركه فيها، وقد قيل: إن ذلك ليس له، وهو مخير إذا شاركه البائع فيها، بين أن يمسك باقيها أو يرده، فينفسخ البيع، وهو قول ابن القاسم في سماع يحيى، من كتاب الشفعة.
وقد قيل: إن البائع يشاركه في الدابة، شاء أو أبى، ولا خيار له في رد ما فيها ورد البيع، وهو قول أشهب، فهي أربعة أقوال ترجع في التحصيل إلى قولين؛ أحدهما: أن من حق المشترى للدابة ألا يشاركه البائع فيها، وإن كانت قائمة لم تفت للضرر الداخل عليه بالشركة. والثاني: أن ذلك ليس من حقه، وللبائع أن يشاركه فيها شاء أو أبى. واختلف على القول بأن ذلك من حقه، هل تكون عليه القيمة يوم البيع أو يوم الحكم؟ واختلف بأن ذلك من حقه، هل يكون له رد الباقي إذا شاركه البائع أم لا؟ والقياس قول أشهب: إن للبائع أن يشاركه فيها، وأنه ليس له أن يرد باقيها؛ لأن استحقاق بعضها عليه ليس من سبب البائع، وإنما هو من سببه، بخلاف من اشترى دابة، فاستحق عليه بعضها، إن له ردها على البائع قولا واحدا؛ لأن الاستحقاق من سببه.
ووجه رواية يحيى أن رجوع البائع عليه ببعض الدابة التي اشترى منه، استحقاق منه لبعضها، فوجب أن يكون له رد بقيتها، كما لو استحقها غيره. والقول الأول أصح؛ لأنه إذا استحقها غيره، فللبائع في ذلك سبب؛ لأنه أدخله فيها، وباع منه ما ليس له، وإذا استحقها البائع، فلا سبب له في ذلك، بل السبب في ذلك للمبتاع، فوجب ألا يكون له عليه رجوع. والقول بأنه يرد باقيها عليه، وإن لم يكن له سبب في استحقاق ما استحق منها، هو على قياس قوله في كتاب كراء الدور من المدونة في الذي يكتري الحمامين، والحانوتين، فينهدم أحدهما؛ أن له أن يرد الباقي إذا كان