والأول أحسن، والذي أقول به: إن هذا مما لا ينبغي أن يختلف فيه، وإنما يختلف الجواب في ذلك بحسب اختلاف الوجوه فيه. فوجه لا يسأل الحائز فيه عما في يديه، من أين صار إليه؟ وتبطل دعوى المدعي فيه بكل حال، فلا توجب يمينا على الحائز المدعى عليه، إلا أن يدعي عليه أنه أعاره إياه، فتجب له عليه اليمين على ذلك. وهذا الوجه هو إذا لم يثبت الأصل للمدعي، ولا أقر له الحائز الذي حازه في وجهه العشرة الأعوام ونحوها، ولو ادعى عليه فيما في يديه، أنه ماله وملكه، قبل أن تنقضي مدة الحيازة عليه في وجهه؛ لوجبت له عليه اليمين.
ووجه يسأل الحائز فيه عما في يديه من أين صار إليه؟ ويصدق في ذلك مع يمينه، ولا يكلف البينة على ذلك، وهو: إذا ثبت الأصل للمدعي، أو أقر له به الحائز، ولو ثبت الأصل للمدعي، وأقر له به الذي هو في يديه، قبل أن تنقضي مدة الحيازة عليه؛ لوجب أن يسأل من أين صار إليه؟ ويكلف البينة على ذلك. وقوله في هذه الرواية: العشر سنين ونحوها معناه: العشر سنين وما قرب منها، يريد والله أعلم بالشهر والشهرين والثلاثة، وما قرب منها مما هو ثلث العام وأقل. وقد قيل: إن ما قرب من العشرة الأعوام بالعام والعامين حيازة.
وقد مضى القول على ذلك في رسم شهد، من سماع عيسى قبل هذا، فلا معنى لإعادته، وفي قوله في هذه الرواية، ثم رجع ابن القاسم فيما يحوزه الوارث على إشراكه بالهدم والبنيان والغرس، دليل على أنه لم يرجع فيما حازه القرابة بعضهم على بعض، مما لا شركة بينهم فيه العشرة الأعوام، بالهدم والبناء.
وقد دل على ذلك أيضا قوله: قال: ولم ير الأربعين سنة، وما دونها بطويل جدا بين الورثة بخاصة. وقد رأيت لبعض أهل النظر، أنه قال في قوله في هذه الرواية بين الورثة بخاصة دليل على أن الأشراك من غير الوراثة، بخلاف شركة الوراثة، وتأول مثل ذلك أيضا على ما قاله يحيى بن يحيى بعد هذا في رسم الأقضية، قال: وفي كتاب الجدار لعيسى: أن ابن القاسم يفرق بين الأشراك في الوراثة وغير الوراثة، كانت بابتياع أو غيره،