حوزها، فيشهد على حوزها من الجيران غير عدول، أيتم بذلك الحكم لمدعيها مع يمينه؟ فقال: لا يشهد في الحوز وغيره غير العدول، ولا أرى أن يتم استحقاقها إلا بهم. قلت: فإن الغاصب ربما خلط دورا وعور حوزها حتى لا يثبتها أحد، ممن كان يعرفها لأهلها، ويحوزها لهم، فقال: يحوز المدعى عليه ما أقر به، ويحلف على ذلك، ثم لا شيء عليه غيره. قلت: إذا يقال ذلك جدا قال: أما إذا لم يقر موضع الباب أو ما يرى أنه ليس بشيء، فلا يقبل قوله: وإما أن يقربا بالبيت ونحوه، فليس عليه إلا ذلك مع يمينه، إلا ما حاز العدول للمدعي المغتصب.
قلت: فإن لم يقر إلا بموضع الباب أو نحوه، وأنت لا تعطى المغتصب إلا ببينة عادلة حائزة لما شهدوا عليه، فماذا يلزم الغاصب إذا لم يقر إلا بموضع باب أو جدار؟ فقال: أما إذا استدل على أن الغاصب يكتم مواضع الحوز بما يستنكر من أمره، حاز المدعى، فاستحق ما حاز بيمينه، مع ما ثبت له من البينة على أصل الغصب.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف، وزاد قال: فإن قال المدعي: لا أعرفه قد غير حدودها، وعمى معلومها، حيل بينه وبين الأرض جميعها حتى يقر له بحقه منها، قال: وقد قال ذلك مالك في غير الغاصب، فالغاصب أحق بالحمل عليه؛ لأنه غاصب، مع ما يلزمه من الأدب الموجع والعقوبة البالغة، والسجن الطويل، فيما ثبت عليه من الغصب واهتضام المسلمين حقوقهم.
قال: وهذا إذا كان ممن له في تلك القرية أو حول تلك الأرض حق قبل ذلك ثم غصب هذه الأرض، فضمها إلى حقه. وأما لو ثبت أن أول دخوله فيها، بسبب هذا الغصب الذي