أعذر من الذي يستحق عليه من خاصة داره، أو خاصة أرضه شيئا، ولا أبلغ به حد الورثة فيما بينهم، ولا حد المولي الذي يرتفق في أرض مواليه، أو الصهر في أرض أصهاره، إلا أن يكون ذلك العامر للرجل أو الرجلين، أو النفر القليل، فلا يعذرون بسكوتهم، يحملون فيما عمر جارهم من غامر من أرضهم، على ما يحمل عليه من حين عمله عليه من داره أو أرضه شيء قال: وهم فيما يعمر بعضهم من غامرهم المشترك، أعذر في السكوت، وأوجب حقا، وإن طال الزمان جدا.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة حسنة، قد بين ابن القاسم فيها وجه قوله في تفرقته بين الوجهين، وجعله الذي عمر من غامر القرية، وهو ممن لا سهم له فيها بين المنزلتين، بما لا مزيد عليه.
وقد مضى القول على كل واحد منهما بانفراده في رسم الكبش وغيره من هذا السماع، وفي رسم يسلف من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادة شيء من ذلك. وقوله: وهم فيما يعمر بعضهم من غامرهم المشترك، أعذر في السكوت، يريد إن الورثة فيما حازه بعضهم على بعض من الغامر أعذر في السكوت على ما حازوا من العامر، وذلك بين؛ لأن التشاح من المعمور، أكثر من التشاح في البور، ورأيت لبعض أهل النظر، تنبيها على هذه المسألة، قال: انظر إن كان بنى في هذه الأرض التي أحياها أو غرس، ولم يكن له فيها حق إن كان يأخذ قيمة ذلك قائما عند خروجه عنها أو مهدوما منقوضا، والذي أقول به في ذلك على أصولهم، ومنهاج قولهم؛ أنه إن كان بنى في ذلك الغامر على أنه حق له يدعيه بوجه من الوجوه، التي يصح بها الملك، واحتج عليهم في ادعائه ذلك ملكا لنفسه بسكوتهم عنه، فله قيمة بنيانه قائما لشبهة الملك الذي يدعيه، وقد مضى بيان هذا في المسألة التي قبل هذه، وأما إن كان لم يدع ذلك ملكا، وإنما أراد أن يستحقه عليهم