البور خرقا فزرعه وعمره بحضرة أشراكه، وأقام في يديه، نحوا من ثمان سنين أو عشرة، أو أكتر من ذلك إلى ما بينه وبين عشرين سنة، بحضرة أشراكه لم يغيروا عليه ولم ينكروا، ثم بدا لهم في طلب ذلك البور، ومحاصة صاحبه فيه وأرادوا أن يردوه بورا، ومرعى لعامتهم، كما كان أول مرة، فاحتج صاحب البور بعمارته له، منذ زمان طويل بحضرتهم، وهو مقر أنه كان بورا، وقال: هي أرض اعتمرتها منذ زمان طويل بحضرتكم، أو كان صاحب تلك الأرض قد هلك وورثها ورثته، فادعوا أنهم ورثوا عن أبيهم أرضا، كان يعتمرها منذ زمان، بحضرتكم فقامت عليهم البينة، أن تلك الأرض كانت من البور الذي كان بين أهل القرية كلهم، حتى اخترقها أبوهم الهالك، فهل ترد إليه حاله الأول بورا، كما كان أول، أو يستحقه الذي هو في يديه بطول عمارته؟ فقال: إن كانت الشعر أو البور معروفا للقوم، أو كان المخترق مقرا بذلك، أعطوه قيمته صحيحا إن كان اعتمر بذلك بعلمهم ومعرفتهم، وهم يرونه لا يغيرون عليه، وذلك إذا كانوا كبارا هالكين لأنفسهم، فإن كانوا صغارا ليس لمثلهم إذن، فقيمته منقوضا، وإن كان البور ليس معروفا لهم، ولا مشهودا عليه، وأنكر وهو في يديه، يحوزه ويعتمله السنين التي في مثلها الحيازة، فلا حق لهم فيه.
قال محمد بن رشد: قوله: فاخترق بعض أهل ذلك المنزل في ذلك البور يدل على أن للمخترق فيه حقا؛ إذ هو منهم. وهذا هو الذي قال فيه ابن القاسم في آخر سماع يحيى: إنهم فيه أعذر في السكوت منهم في الأرض العامرة. وقد مضى الكلام على ذلك هنالك، ولم ير مشاركتهم لهم في الشعر شبهة، توجب أن يكون له