وحيث لا تظن تلك الأرض لأحد؛ مخالف لما ذهب إليه مالك، غير مفسر له؛ لأن الذي ذهب إليه مالك؛ أن تركه يبني في أرضه ويغرس فيه وهو حاضر، يراه إذن منه له بذلك، فسواء على مذهبه كان ذلك في فيافي الأرض، وحيث لا تظن تلك الأرض لأحد، أو لم تكن، وكان في الحاضرة أو فيما قرب منها، إن قام عليه بحدثان ما بنى أو غرس، لم يكن له أن يخرجه عن الأرض، إلا أن يعطيه قيمة ما أنفق، أو ما أنفق على الاختلاف القائم من المدونة، وقد ذكرت وجهه في سماع أشهب، من كتاب الاستحقاق.
وإن لم يقم عليه حتى مضى من المدة ما يرى أنه إذن بالغرس والبناء إلى مثلها، كان له قيمة بنيانه وغرسه منقوضا مطروحا بالأرض، على ما في كتاب العارية من المدونة فيمن أذن الرجل أن يبني في أرضه أو يغرس فيها، ويوقت له أجلا.
وإن قام عليه بعد مدة، إلا أنها لم تبلغ الحد الذي يرى أنه أذن له بالبناء إلى مثلها، لم يكن له أن يخرجه إلا أن يعطيه قيمة بنيانه وغرسه قائمة. ووجه العمل في ذلك أن يقال: كم قيمة البقعة مبنية، على ما هي عليه من هذا البناء على حالته التي هو عليها من التغير فيما مضى من المدة؟ وكم قيمة بنيانها أيضا لو كان البناء جديدا كما فرغ منه؟ فينقص ما بين القيمتين من قيمتها، أنفق في البنيان أو مما أنفق فيه، على الاختلاف الذي قد ذكرته فيما بقي من ذلك، كان هو قيمة البنيان قائما الذي يجب له عليه، إن أراد إخراجه من الأرض.
وذهب ابن القاسم في هذه الرواية إلى أن تركه يبني في أرضه وهو حاضر يراه، ليس بإذن منه له في ذلك على أحد قوليه؛ إذ قد اختلف قوله في هذا الأصل، فإذا لم يكن إذن له عنده، فلا يكون له على مذهبه في بنيانه قيمة ما أنفق فيه، كما قال مالك، إلا إذا كان ذلك في فيافي الأرض، وحيث لا يظن ذلك الأرض