يقوم صاحبها على الذين أهديت إليهم، وقد أكلوها، قال: إن كان الغاصب بها مليا، فهي عليه غرم، وليس على الذين أهديت إليهم شيء، وإن كان معدما أخذ قيمتها من الذين أكلوها، قيل له: فإن كان ذبحها الغاصب، ثم سيرها إليهم مذبوحة، قال في كلا الوجهين: إن كان الغاصب مليا فقيمتها عليه، وليس على الذين أهديت إليهم شيء، وإن كان معدما وقد سيرها مذبوحة، كان على الذين أكلوها قيمتها مذبوحة، وكان ما بين قيمتها مذبوحة وقيمتها حية على الغاصب، مليا كان أو معدما.
قال محمد بن رشد: قوله: إن كان الغاصب لها مليا فهي عليه غرم، وليس على الذين أهديت إليهم شيء، وإن كان معدما أخذ قيمتها من الذين أكلوها، هو مثل قوله في كتاب الاستحقاق من المدونة في مسألة محاباة الوارث في الكراء، ومثل قوله أيضا في كتاب الغصب، وفي كتاب كراء الدور منها: وإذا أخذت قيمتها من الذين أكلوها، كان لهم على قياس قوله أن يرجعوا بها على الغاصب، وإن أخذت أولا من الغاصب، لم يكن له أن يرجع بها على الذين أهديت إليهم؛ لأنه لما أهداها فقد التزم ضمانها، وإن كانوا جميعا عدما رجع على من أيسر منهم أولا، فإن أيسر الذين أهديت إليهم أولا، فرجع عليهم، كان لهم الرجوع على الواهب الغاصب، وإن أيسر الواهب أولا فرجع عليه، لم يكن له أن يرجع على الذين أهديت إليهم.
وعلى قول غير ابن القاسم في مسألة كتاب الاستحقاق من المدونة، وهو أشهب، بدليل قوله في رسم محض القضاء من سماع أصبغ من كتاب البضائع والوكالات، وقول ابن القاسم في كتاب الشركة من المدونة، يرجع أولا على الذين أهديت إليهم إن كان لهم مال، فإن لم يكن لهم مال، رجع على الغاصب، فإن رجع على هذا القول على الغاصب، رجع الغاصب على الذين أهديت إليهم؛ وإن رجع على الذين أهديت إليهم، لم يرجع الذين أهديت إليهم على الغاصب