الغاصب إذا قطع يد الجارية المغصوبة، فلربها أن يضمنه ما نقصه القطع، ويأخذها؛ أن معنى ذلك ما نقصها القطع يوم الغصب، فعلى هذا التأويل لا يقوم الاختلاف من المدونة، ولا يكون للمغصوب منه على مذهب ابن القاسم فيها أن يسقط عن الغاصب حكم الغصب، ويأخذه بالجناية مثلها، أو قطع يدها، وإلى هذا ذهب سحنون، فقال: ليس له أن يضمنه ما نقصها القطع، وإنما له أن يأخذها ناقصة، أو يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها.
وقوله: إذا قطعه أجنبي فسيده أيضا مخير بين أن يأخذ عقل يده، إن كان أخذ الغاصب عقلا، وبين أن يأخذ قيمته ويترك العبد؛ يريد قيمته يوم الغصب، وهذا على القول بأنه مخير بين أن يطالب الغاصب بحكم الغصب ليأخذ منه قيمة عبده يوم غصبه، وبين أن يبرئ الغاصب من حكم الغصب، ويأخذ عبده وعقل الجرح، وعلى القول الثاني الذي لا يرى له الخير في ذلك، ليس له إلا أن يضمن الغاصب قيمته يوم غصبه، أو يأخذ عبده، ولا شيء له من عقل جرحه، وكذلك إذا عفا الغاصب عن قطع اليد على القول بأنه ليس له إلا أن يتبع الغاصب بحكم الغصب، يأخذ منه قيمة عبده يوم الغصب، ويأخذ العبد كما هو، ولا سبيل له إلا أن يضمن الغاصب قيمته يوم غصبه، أو يأخذ عبده، ولا شيء له من عقل الجرح، وكذلك إذا عفا الغاصب عن قطع اليد على القول بأنه ليس له إلا أن يتبع الغاصب بحكم الغصب، يأخذ منه قيمة عبده يوم غصبه، أو يأخذ العبد كما هو، ولا سبيل له على الجاني للجناية، وعلى القول بأن له أن يسقط عن الغاصب حكم الغصب، يأتي ما ذكره في الرواية من أنه إن اختار أخذه، وأخذ من الأجنبي ما نقصه القطع، فيكون إذا فعل ذلك قد أسقط عن الغاصب حكم الغصب، وإن لم يرد أن يسقط