العبد من المجروح أو إسلامه إليه، رأينا سيد العبد أولى برقبته، وأغرمنا الغاصب لعداه وظلمه لسيد العبد، ما لم يكن له بد من غرمه لغيره، وأخذنا في ذلك بالأقل؛ لأنه وإن ظلم، فقد كان إن اختار سيد العبد قيمة عبده، أن يخرج عقل الجناية، فيفتدي بها العبد أو يسلمه أو يبرأ.
قلت له: فإن قال الغاصب: أنا أفتك العبد حتى يصير غير معيب ولا مأخوذ بعقل جناية، ولا متبع بها، ثم يأخذه سيده سليما كما اغتصبه إياه بها ذلك له. وهذا يشد القول الأول. أو لا نرى أن الغاصب الآن حين طلب العبد لسيده قد خرجت الرقبة من يده إلى سيد العبد وغرم عقل الجناية للمجروح فما حجة من زعم أن ليس للسيد إلا أن يأخذ بجنايته؟ فيكون قد خرجت الرقبة من يديه إلى المجروح وغرم القيمة للسيد، فالسيد أحق برقبة عبده، وبأقل الغرمين اللذين لا يجد الغاصب بدا من غرمهما على حال من الحال، غير أن السيد إن اختار القيمة وترك الرقبة لم يكن له إلا ذلك فقط، قال: وإن كانت جنايته عمدا.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن سيد العبد إن ترك أن يضمن الغاصب قيمة العبد يوم غصبه إياه، وافتدى عبده بعقل ما جنى يرجع على الغاصب بالأقل من قيمة العبد أو مما افتكه به، استحسان على غير حقيقة القياس، وقد ذكر وجهه بما لا مزيد عليه. والقياس قوله في كتاب الرهون من المدونة: إن سيد العبد بالخيار، إن شاء سلم العبد للغاصب وأخذ منه قيمته يوم اغتصبه، وإن شاء أن يفتكه بدية الجناية، ولا يتبع الغاصب بشيء مما وداه، وذلك أن جناية العبد المغصوب نقصان من