نهيه عن الدين بالدين بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ومن اتبع على ملي فليتبع» لما كانت على سبيل المعروف، وكما خصصت الشركة والتولية والإقالة في الطعام المكيل والموزون، من عموم نهيه عن بيع الطعام قبل أن يستوفى لما كان على سبيل المعروف، فإن دخل الحوالة وجه من وجوه المكايسة، رجعت إلى الأصل فلم تجز. والحوالة جائزة في جميع الديون إذا تساوت في الوزن والصفة، وحل الدين المحال به؛ لأنه إن لم يحل كان ذمة بذمة، ويدخله ما نهى عنه من الكالئ بالكالئ، إلا أن يكون الدين الذي ينتقل إليه حالا، ويقبض ذلك مكانه قبل أن يفترقا، مثل الصرف فيجوز ذلك، وسواء كانت الديون من بيع أو قرض أو تعد، إلا أن يكونا جميعا طعاما من سلم، فلا تجوز الحوالة بأحدها على الآخر، حلت الآجال أو لم تحل، أو حل أحدهما ولم يحل الآخر؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل أن يستوفى استوت رؤوس أموالهما أو لم تستو، خلافا لأشهب في قوله: إذا استوت رؤوس أموالهما، جازت الحوالة وكانت تولية، فإن كان أحدهما من قرض والآخر من سلم، لم تجز حوالة أحدهما في الآخر، حتى يحلا جميعا عند ابن القاسم. وأجاز ذلك من سواه من أصحاب مالك، إذا حل المحال به، بمنزلة إذا كانا جميعا من سلف، وينزل المحال في الدين الذي أحيل به، منزلة من أحاله، ومنزلته في الدين الذي أحيل به، فيما يريد أن يأخذ به منه أو يبيعه به من غيره. وقد شرحنا هذا في كتاب المقدمات. وبالله التوفيق.