قال الإمام القاضي: رواية سحنون عن ابن القاسم، في أنه إن مات قبل الأجل من غير البلد بموضع لو كلفه أن يأتي به لأتى به في الأصل أو بعده بشيء، يريد: بمقدار مكان يتلوم له فيه لو طلبه لم يكن عليه غرم، وإن كان بموضع لو كلفه الإتيان به إلى أبعد من الأجل بكثير، فأراه ضامنا، يحمل على التفسير لرواية عيسى عن ابن القاسم هذه، ولما حكى ابن حبيب عنه في الواضحة من رواية أصبغ. ومثل هذا في كتاب ابن المواز وهذا كله خلاف لما في المدونة من قوله: وإن أخذ الحميل بالغريم، والغريم غائب، فحكم على الحميل وأغرم المال، ثم طلعت للحميل بينة، أن الغريم كان ميتا قبل أن يحكم على الحميل، ارتجع ماله؛ لأنه لو علم أنه ميت حين أخذ منه الحميل، لم يكن عليه شيء؛ لأنه إنما تحمل بنفسه، وهذه نفسه قد ذهبت، فعلى مذهبه في المدونة، إذا مات لا يبالي حيث مات، تسقط الحمالة بموته، مات في مغيبه أو في البلد، وهو قول أشهب. وقد دل على اختلاف قوله في هذه المسألة قوله: وكل ما قلته من خلاف في هذه المسألة فدعه وخذ بهذا، ولو أتى الحميل بالغريم عند الأجل، والطالب غائب، لما برئ بإتيانه به حتى يجمع بينه وبين صاحبه، إلا أن يكون شرط عليه عند الحمالة أنك إن غبت ولم توكل من يقتضي مني، فلا حمالة لك علي، ويكون ذلك له إذا أحضره عند الأجل، ويرى من حمالته بإشهاده على إحضاره، قال ذلك ابن حبيب في الواضحة. ولو لقي الحميل المتحمل مساء وصباحا حتى تمر به الأعوام، بعد حلول الأجل، لما برئ من حمالته إن غاب بعد، فطلبه به حتى شهد له بالبراءة من حمالته. رواه أصبغ عن ابن القاسم في بعض