قد قبل ذلك منه ورضي به، وإنما ذلك في الخطأ مما فيه دية أو عمد، اصطلحوا فيه على يديه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال، إن ذلك لازم له، يريد في الحياة والموت، كان على وجه الحمالة وإصلاح، وكان صاحب الحق قد قبل ذلك ورضي به، والجرح خطأ مما فيه دية، أو عمد اصطلحوا فيه على دية. وإنما شرط في لزوم الحمالة رضاء صاحب الجرح بما دل عليه مساق اللفظ، من أنه إنما تحمل له بعقل الجرح عنهم، على أن يترك طلبه قبلهم، ولو كان هذا من التزامه الحمالة على غير هذا الوجه، مثل أن يقول في مغيبها شهدكم أني ضامن لفلان عقل جرحه، وتلزمه الحمالة وإن كان لم يقل قد قبلت ورضيت، إذا كان الجرح أيضا خطأ أو عمدا اصطلحوا على دية، ومعنى ذلك في العمد، إذا كان الجرح ليس له عقل مسمى وإنما فيه القصاص، وأما لو كان مما له عقل مسمى، كفقء العين، وقطع اليد، وجذع الأنف، وما أشبه ذلك، للزمت لما في ذلك الكفالة بدية العمد المعلومة في ذلك، ولم يكن له رجوع بها على الجاني، إذ لا يلزمه إلا برضاه، وكذلك لو ضمن رجل عن رجل مال حق عن جنايته على الناس، للزمه، قال ذلك أصبغ، حكى ابن حبيب عنه في الرجل يكون له الولد الفاسق المتعسف على الناس بالقتل وأخذ المال، فيأخذه في ذلك، ويريد عقوبته، فيقول له: لست بعائد إلى ذلك، وأنا أعطيك حملا يتحملون، كما اجترمته من قتل أو حد أو أخذ مال، فذلك عليهم، فيفعل، أرى ذلك لهم، ويؤخذون بكل ما يؤخذ به، إلا أنهم لا يقتلون بمن قتل. وفي قوله: إنهم يؤخذون بكل ما يؤخذ به، إلا أنهم لا يقتلون بمن قتل، إشكال فيحتمل أن يريد بذلك، أنه يؤخذ بكل ما اجترم من المال، ولا يؤخذ بالقتل ولا بالجراح، ويحتمل أنهم يؤخذون بالذمة بالقتل، ولا يقتلون، وكذلك الجراح، وهو الأظهر، فيكون