قال محمد بن رشد: قوله في الحميل بالمال إذا غاب المتحمل به: إنه يتلوم له في الغيبة القريبة الأيام، يريد اليومين والثلاثة، خلاف ما في سماع يحيى بعد هذا في رسم المكاتب، من أن الحميل بالمال لا يؤجل ولا يؤخر، وهو كالغريم بعينه، ولا اختلاف في هذا على اختلافهم في الحميل، هل يكون الطالب مخيرا فيه وفي الغريم، يتبع أيهما شاء؟ وإن كان الغريم مليا، أو لا يكون له على الحميل سبيل، إلا في عدم الغريم أو مغيبه، فرواية عيسى هذه على ما اختاره ابن القاسم من قولي مالك ورواية يحيى على قول مالك الأول: إن الذي له الحق مخير في الغريم والحميل، يتبع أيهما شاء في اليسر والعدم، والغيب والحضور. وأما الحميل بالوجه، فإنه يتلوم له إذا حل الأجل. قال في المدونة: اليوم ونحوه. قال في كتاب ابن المواز: اليوم واليومين، قال في سماع يحيى بعد هذا: اليوم واليومين والثلاثة، وفي كتاب محمد بن المواز لابن وهب في حميل الوجه إذا غاب الغريم، إنه يقضي عليه بالغرم، ولا يضرب له أجل يطلبه، وهو بعيد؛ لأن الحميل بالوجه، يبدأ بإحضار الغريم، مليا كان أو معدما، والحميل بالمال، لا يبرأ بإحضار الغريم معدما. واختلف، هل يبرأ بإحضاره مليا؟ فعلى هذا الاختلاف يأتي الاختلاف في التلوم له الأيام اليسيرة، حسبما ذكرناه. وأما قوله: إن الحميل بالصداق يؤخذ بجميعه إذا غاب الزوج قبل البناء فهو صحيح، على قياس القول بأن المرأة يجب لها بالفقد جميع الصداق، ويسقط نصفه، إلا نصف الصداق ألا يقضي على الحميل إذا غاب الزوج قبل البناء إلا بنصفه، ويأتي على قياس القول بأن الصداق يجب على الزوج جميعه بالعقد وجوبا غير مستقر، فيستقر لها نصفه بالطلاق، وجميعه بالموت والدخول ألا يقضي على الحميل بشيء من الصداق إذا غاب الزوج قبل الدخول، حتى يأتي، فيطلق فيقضي عليه بالنصف، ويدخل فيقضي عليه بالجميع، وهو قول ابن الماجشون في امرأة المفقود قبل البناء، إنها لا يقضي لها بشيء من الصداق حتى يأتي وقت، لو قدم الأول، لم يكن له إليها