أوصل إلى صاحب الحق حقه، من قبل أن المقر له بالحمالة أعدي على الغريم بما أدى عنه، كما كان يعدى عليه ولو أتى عنه بغير حمالة.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن الحميل أقر أنه يعرف الحق على المتحمل عنه، ولذلك ألزمه الحميل، دون أن تثبت بينة لصاحب الحق عليه، فقال: يغرم المقر لصاحب الحق بما أقر له به مما زعم أنه تحمل به عن المطلوب، ثم لا يعدى الحميل الغريم على المطلوب إلا أن يقيم عليه البينة أن ذلك الحق عليه للطالب، فليست هذه المسألة على هذا التأويل بمخالفة لما في المدونة، ولا لما مضى في رسم التمرة من سماع عيسى إلا أنها مسألة فيها اختلاف قيل: إنه لا يلزمه الغريم بإقراره بالكفالة، وإن أقر أنه يعرف الحق قبل المطلوب، إذا كان المطلوب منكرا، وهو قول مالك في رواية أشهب عنه، وقيل: إنه يلزمه الغريم بإقراره بالكفالة، وإن كان المطلوب منكرا، إذا كان معدما ولا يلزمه إذا كان مليا. وهذا القول يقوم من قول ابن القاسم في أول رسم من سماعه من كتاب الشهادات، في أن شهادة الكفيل على الغريم بالدين الذي تحمل به عنه، تجوز إن كان الغريم مليا، ولا تجوز إن كان معدما. فعلى قول ابن القاسم في هذه الرواية، لا يجوز شهادة الحميل بالدين على الغريم مليا كان أو معدما، وهو نص قول مالك في أول سماعه من كتاب الشهادات. وقد قيل: إن الحميل إن كان معدما جازت شهادته على الغريم بالدين، وإن كان مليا لم تجز شهادته عليه، وهو صحيح على قياس قول ابن القاسم في هذه الرواية: إن الحميل غارم؛ لأنه إذا أسقط عنه الغرم لعدمه سقطت عنه التهمة في شهادته. وأما إذا قبض صاحب الحق من الحميل حقه بإقراره بالحمالة فلا تجوز شهادته للحميل على الغريم؛ لأنه قد كان مكذبا في دعواه، فإذا أشهدوا بما يصدق نفسه فيما كان ادعى وأمضى، فإن ما شهد فيه أصله، فهو شاهد لنفسه.
وقد مضى في رسم الثمرة من سماع عيسى من هذا الكتاب، وفي أول