دفعه لم يكن له أخذه، ورجع على البائع به. والثالث إنه لا يفوت إلا باستهلاك الموهوب له بعد القبض، فإن كان لم يدفعه كان له أن يمسكه وإن كان قد دفعه إليه، كان له أن يأخذه منه ما لم يفوته بأكل أو استهلاك، فإن فوته بذلك، مضى له ورجع المشتري به على البائع الواهب. والرابع إن الهبة والصدقة لا تصح للموهوب له والمتصدق عليه في حال من الأحوال؛ لأن الغيب كشف أنه وهب أو تصدق بما لم يملك، وإن كان قد دفعه باستهلاكه، رجع المبتاع على البائع، ورجع البائع على المتصدق عليه والموهوب له. حكاه محمد بن المواز عن ابن القاسم في المرأة تأخذ الصداق من زوجها تتصدق به، فيطلقها قبل الدخول، إنه يرجع عليها بنصف الصداق، وترجع هي به على المتصدق عليه؛ لأنها تصدقت عليه بما لم يصح لها ملكه. وفي المسألة قول خامس، وهو إن كان البائع الواهب عديما، كان للمشتري أن يمسكه إن كان لم يدفعه، وإن كان مليا لزمه أن يدفعه إلى الموهوب له، ويتبع به الواهب، وهو قول ابن القاسم في النكاح الثاني من المدونة، وفي المرأة تهب الصداق الذي لها على زوجها فيطلقها قبل الدخول.
هذا تحصيل الخلاف في هذه المسألة، والذي يوجبه النظر والقياس فيها أن يكون هذا الاختلاف في الرد بالعيب على القول بأنه بيع مبتدأ، وفي الطلاق قبل الدخول على القول بأن المرأة يجب لها جميع الصداق بالعقد، ولا يجوز الهبة ولا الصدقة في الاستحقاق ولا في الرد بالعيب على القول بأنه نقض بيع، ولا في الطلاق؛ لأنه لا يجب للمرأة بالعقد إلا نصف الصداق، فيأتي جواب ابن القاسم في مسألة هبة الزوجة صداقها قبل الدخول، على القول بأن المرأة لا يجب لها بالعقد من الصداق إلا نصفه. وجواب بعض الرواة على أنها يجب لها بالعقد جميعه. وبالله التوفيق.