ذلك ليس له إلا أن يأذن له شريكه فإن فعل ضمن ما أصابه في ذلك أن يكون ضربه ضربا لا يعنت أحد في مثله أو في ذلك أدبه، فإن كان هذا لم يضمن، قال سحنون: أراه ضامنا ضربه ضربا يعنت في مثله أو لا يعنت لو لم يضربه إلا ضربة واحدة لكان ضامنا له؛ لأنه ليس هو له دون شريكه، وهو بمنزلة الرجل يعدو على عبد الرجل فيضربه ضربا لا يعنت في مثله فيموت منه أنه ضامن.
قال محمد بن رشد: رأى مالك شركته في العبد شبهة تسقط الضمان في ضربه إياه الضرب الذي يؤدب بمثله على ما اجترم، خلاف قول سحنون، وهو أظهر؛ لأن أدبه هو صلاح له فهو يقول: لو لم أؤدبه لفسد علي فنقص مالي، وعلى هذا اختلفوا في الأرض بين الرجلين يزرع أحدهما فيها زرعا أو يبني فيها بنيانا هل يكون كالغاصب فيقلع الشريك زرعه وبنيانه أو لا يكون كالغاصب؟ لشبهة الشركة فيكون له الزرع وإن كان الإبان لم يفت، ويكون عليه الكراء في نصيب شريكه ويكون له قيمة بنيانه قائما، وقد مضى القول على هذا في أول سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق ويأتي أيضا في رسم القطعان من سماع عيسى من هذا الكتاب وفي سماع سحنون زيد من كتاب الزراعة، وعلى هذا اختلفوا في الأمة تكون بين الحر والعبد فيولدها العبد هل تكون جناية يلزم سيده أن يفتديه بنصف قيمته أم لا؟ فقال ابن القاسم في أول سماع سحنون من كتاب الجنايات: إنها جناية تلزم سيده أن يفتديه بنصف قيمته أو يسلمه وماله لصاحب الجارية، وقال سحنون في نوازل من كتاب الاستبراء: إنها ليست جناية وتباع الأمة فيما لزمه من نصف قيمتها فإن لم يف بذلك اتبع بالباقي دينا ثابتا في ذمته، ولا اختلاف بينهم في أن الشركة في الأمة شبهة يسقط بها الحد عن الشريك إن وطئها؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ادرءوا الحدود بالشبهات» .