بذلك بأس، وإنما باعه البائع من الأرادب ما كان يجوز له أن يستثنيه، أرأيت لو باعه من صبرة وفيها ألف إردب عشرة أرادب بخمسة دنانير ثم باع بعد ذلك ما بقي من رجل آخر قبل أن يكيل العشرة أنه لا بأس به قال: وليس هذا مثل الضأن أن يكون له مائة شاة فيبيع منها عشرة يختارها ثم يبيع بقيتها من رجل آخر قبل أن يختار الأول فلا خير فيه وهو لا بأس أن يبيع عشرة من خيارها أبدا ولا خير في أن يبيع بقيتها قبل أن يختار العشرة حتى يختار، وفرق بين ذلك لأنه يجوز أن يبيع بقية الصبرة بعد الأرادب جزافا قبل أن يكتال الأرادب، ولا يبيع الضأن لأنه لا يدري ما بقي منها، ولأن الطعام هو صنف واحد ليس للكيل الذي يؤخذ منه فضل على ما بقي من الجزاف.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه أعرفه في المذهب أنه إذا باع من الصبرة كيلا معلوما يجوز له أن يستثنيه منها وهو الثلث فأدنى جائز له أن يبيع بقية الصبرة من غيره أن المكيلة التي اشترى الأول منها كان البائع استثناها لنفسه، وأما إذا باع من غنمه عشرة يختارها المشتري فاختلف هل يجوز له أن يبيع بقيتها من غيره قبل أن يختار الأول عشرته، والمشهور قوله هاهنا: إن ذلك لا يجوز، وقد مضى القول على ذلك في رسم استأذن من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع فلا معنى لإعادته ولو باع من غنمه أكثر من ثلثها على الخيار لما جاز له أن يبيع بقيتها من غيره قبل أن يختار الأول ما ابتاع قولا واحدا والله أعلم.