قال محمد بن رشد: قوله في الثمرة: إن فيها الشفعة يريد ما لم تيبس فهو نص قوله في المدونة ودليل قوله هاهنا إذا قال: إن الجائحة فيها إذ لو كان من مذهبه أن الشفعة فيها وإن يبست ما لم تجد ما أطلق القول بوجوب الجائحة فيها، ولقال: إن الجائحة تجب فيها إذا استشفعها قبل أن تيبس وقد قال ابن القاسم: إن فيها الشفعة وإن يبست ما لم تجد إذا اشتراها مع الأصول بعد الطياب، ولا فرق بين المسألتين فهو اختلاف من قوله مرة رأى في الثمرة الشفعة ما لم تيبس، ومرة رآها فيها ما لم تجد وقوله عندي ما لم تجد أو ما لم يزبب على ما قاله في المدونة معناه ما لم تبلغ حد جدادها للتيبيس أو التزبيب إذ لا تيبس الثمرة في أصولها حتى تجد منها، فالمعنى على ذلك في هذا القول أن الشفعة فيها ما لم يجد جدادها للتيبس إن كانت مما ييبس أو للأكل خضراء إن كانت مما لا ييبس وكذلك قال ابن كنانة في المدنية أن الشفعة في الثمرة ما لم تيبس، وقوله الثاني: إن الشفعة فيها وإن حان جدادها ما لم تجد.
وقوله في الرواية: إن الجائحة فيها صحيح على المشهور في المذهب من أن الأخذ بالشفعة ينزل منزلة البيع فيما يختص به من الأحكام ويأتي على مذهب من ينزله في ذلك منزلة الاستحقاق أن جائحة فيها.
وأما قوله: إنه يرجع بالجائحة في الثمرة على المشتري الذي أخذها من يديه فهو صحيح على المنصوص في أن عهدته عليه، وقد وقع في كتاب الشفعة من المدونة ما يدل على أنه مخير في كتاب عهدته على من شاء منهما، وهو بعيد في النظر لا يحمله القياس؛ لأن الشفعة لا تخلو من أن يحكم لها بحكم البيع أو بحكم الاستحقاق، فإن حكم لها بحكم البيع وهو الأظهر كانت العهدة على المشتري، والرجوع بالجائحة عليه، وهو مذهب ابن أبي ليلى، وقال أبو حنيفة: إن أخذ الشفيع الشقص من يد البائع فالعهدة عليه وإن أخذه من يد المبتاع فالعهدة عليه، وقول مالك أظهر الأقوال؛ لأن البيع لم ينفسخ فيما بين البائع والمشتري، فالحق إنما هو واجب للشفيع على المشتري بإيجاب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذلك له عليه، ووجه قول ابن أبي ليلى أن الأخذ بالشفعة استحقاق فينتقض البيع ويأخذ الشقص من