للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول مالك؛ هكذا أخبرني (به) غير واحد، ويقضي الذي فاته على ما فاته سواء.

قال محمد بن رشد: قد قيل في اختلاف قول مالك هذا: إنه اختلاف في عبارة، لا في معنى حكم شيء من الصلاة؛ إذ لم يختلف قول مالك في صفة ما يفعله من فاته بعض صلاة الإمام باختلاف قوليه هذين، فهو على كليهما بان في صفة القيام والجلوس، قاض في القراءة؛ فيحسن أن يعبر عما أدرك الرجل مع الإمام بأنه أول صلاته، من أجل أنه بان على ذلك، لما بقي عليه منها في صفة القيام والجلوس؛ ويحسن أن يعبر عنه بأنه آخر صلاته، من أجل أنه قاض لما فاته منها على صفة ما فاته في القراءة؛ ووجه ما اختاره سحنون من قولي مالك أن الذي أدرك مع الإمام هو أول صلاته، هو أنه بذلك ابتدأها، وفيه أو مع تكبيرة الإحرام، وذلك لا يكون إلا في أولها؛ إذ لا يصح أن يبدأ أحد صلاته من نصفها؛ وقد قال، - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وما فاتكم فأتموا» . والتمام لا يكون إلا آخرا لا أولا، ووجه القول الآخر اتباع ظواهر قول النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فما أدركتم فصلوا» . ومعلوم أن الذي أدرك من صلاة الإمام هو آخرها، فوجب بحق هذا الظاهر، أن يكون ذلك هو آخر صلاته أيضا، وقيل: إن اختلاف قول مالك هذا اختلاف فيما يفعله من فاته شيء من صلاته من قضاء أو بناء، فعلى قوله إن الذي أدرك مع الإمام هو آخر صلاته، يكون قاضيا في القراءة والجهر، وفي صفة القيام والجلوس، كمذهب أبي حنيفة، فيأتي إذا أدرك ركعة من صلاة رباعية بالركعة الأولى أولا فيقرأ فيها بالجهر وسورة ويقوم، ثم يأتي بالركعة الثانية فيقرأ فيها أيضا بالحمد وسورة ويجلس، ثم يأتي بالركعة الثالثة فيقرأ فيها بالحمد وحدها

<<  <  ج: ص:  >  >>