فيطلبون بعد ذلك تمام ذلك ولم يكونوا رضوا بما بعث به، فالزوج بالخيار في أن يتم له صداق مثلها أو يرد النكاح ويرجع بما كان بعث ولا يلزمه أن يتم لها الصداق لما قدم قبل ذلك.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة على معنى ما في المدونة وغيرها من أن من وهب شقصا بما فيه الشفعة على ثواب يرجوه ولم يسمه فليس للشفيع فيه شفعة إلا بعد العوض، فإن أثابه أقل من القيمة فرضي لذلك أخذ الشفيع به، وإن أثابه أكثر من القيمة قبل تغير السلعة لم لكن للشفيع أن يأخذ إلا بجميع العوض، واختلف إن أثابه أكثر من القيمة بعد تغير السلعة فقال ابن القاسم في المدونة: ليس للشفيع أن يأخذ إلا بجميع العوض وهو قول ابن الماجشون، وقال أشهب في كتاب ابن المواز يأخذ الشفيع بالأقل من قيمة الشقص أو مما أثابه، وفي قوله ولأنه أيضا إن لم يثبه رضاه رد الهبة ورجع في عشرته دليل على أنه لا يلزمه الرضى بالقيمة إلا بعد فواتها، وهو قول مطرف وروايته عن مالك وظاهر قول عمر بن الخطاب خلاف مذهب ابن القاسم في المدونة أنه يلزمه الرضى بالقيمة وإن لم تفت، والذي في المدونة أصح؛ لأن الهبة للثواب مقيسة على نكاح التفويض فكما يلزم الزوجة صداق المثل إذا فرضه لها الزوج وإن لم يدخل بها فكذلك يلزم الواهب القيمة إذا أثابه بها، وإن لم تفت السلعة، ولم أعلمهم اختلفوا في أن الموهوب له لا يلزمه قيمة السلعة ما كانت قائمة ولا أقل منها إن رضي بذلك الواهب كما لا يلزم الزوج في نكاح التفويض صداق المثل قبل الدخول ولا أقل منه وإن رضيت بذلك المرأة، وإنما اختلفوا في نكاح التحكيم إذا كانت الزوجة هي المحكمة فقيل: إن الصداق لا يلزم قبل الدخول بقليل ولا كثير إلا مع اتفاقهما جميعا، وقيل: إنه يلزم الزوجة صداق المثل فأكثر إذا رضي به الزوج ولا يلزم الزوج صداق المثل فأقل إن رضيت به المرأة ولا يلزم المرأة صداق مثلها فأكثر إن رضي به الزوج، فقوله: إن الموهوب له إذا قدم بعض الثواب لا يلزمه تمامه وله أن يسترد ما قدم