الأب يعمل فيها لنفسه وماله بحال ما كان من الصدقة فلا أرى ذلك شيئا إن كان كذلك، وقال أشهب: الشفعة فيه كان أنذرا أو غير أنذر كان قليلا أو كثيرا إذا كان ملكا لهم.
وأما ما ذكرت من حوز الأب على ابنه الأنذر فإن ذلك ليس بحوز حتى يبرأ منه كحال المسكن إن درس فيه أو انتفع به الأب حتى مات فلا شيء للابن فيه.
قال محمد بن رشد: قول ابن وهب وأشهب في أن الشفعة يجب في الأنذر الذي يدرس فيه الزرع خلاف قول سحنون المتقدم قبل هذا في آخر سماعه، وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك فلا معنى لإعادته، وأما قولهما في صدقة الأب به على ابنه الصغير إن ذلك بمنزلة الدار تبطل الصدقة به إن درس فيه بعد الصدقة كما كان يدرس فيه قبل الصدقة بمنزلة المسكن فهو خلاف مذهب ابن القاسم وما حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ من أن ما عدا المسكون والملبوس لا يبطل صدقة الأب به على ابنه الصغير انتفاعه به بعد الصدقة وإن حرث الأرض واختدم العبيد وأكرى الحوانيت واغتل ماله غلة من الأصول، بخلاف ما سكن أو لبس، وقع بيان مذهب ابن القاسم في ذلك في رسم شهد من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات، وحكاه ابن حبيب أيضا عنه من رواية أصبغ، جلوسه في الحانوت للتجر كسكناه الدار، بخلاف كرائه إياه، وقول ابن وهب وأشهب هذا مثل ظاهر ما حكى ابن حبيب في الواضحة من رواية مطرف عن مالك في تفسير قول عثمان بن عفان إن نحلة الأب لابنه الصغير جائزة إذا أشهد عليها وأعلن بها وإن وليها أن معنى ذلك أن يليها بالتثمير والتوفير، فعلى هذا لا فرق بين الملبوس والمسكون وما سواه من الأشياء تبطل الصدقة بانتفاع الأب به فيتفق في المسكون والملبوس ويختلف فيما عداه على هذين القولين، أحدهما أن الإشهاد والإعلان يكفي وإن انتفع الأب بذلك بعد الصدقة كما كان ينتفع به قبل الصدقة إلى أن مات كالمسكون