الثمار كلها من العنب والتين وغير ذلك مما يجوز فيه التفاضل ومما لا يجوز في جواز قسمة ذلك بالخرص إذا اختلفت الحاجة في ذلك، خلافُ مذهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك في أن القسمة في ذلك لَا تَجوزُ على الخرص مع اختلاف الحاجة إِلَّا في العنب والنخل والذي مضى فيه الخرص لوجوب الزكاة فيه، وإلى هذه الرواية أشار في المدونة بقوله: وذلك أنه ذكر بعض أصحابنا أن مالكاً أرخص في قسم الفواكه بالخرص، وهذه الرواية أظهر وأصح في المعنى من رواية ابن القاسم عن مالك؛ لأنه إذا جاز التَّحَرِّي والخرص فيما لا يجوز فيه التفاضل لضرورتهم إلى ذلك من أجل اختلاف حوائجهم فأحرى أن يجور ذلك فيما يجوز فيه التفاضل لا تدْخله المزابنة، وقولُه أيضاً إنما يجوز ذلك إذا طابت الثمرة خلافٌ لما في المدونة؛ لأنه أجاز فيها قسمة البلح الكبير على الخرص، وفي رؤوس الثمار إذا اختلفت حوائجهما فيه خلافُ قول سحنون في ذلك، فاشتراط مالك في هذه الرواية طيب الثمرة مثلُ مذهب سحنون في البلح الكبير؛ لأن العلة عنده في أن قسمته بالخرص لا تجوز هو أنه إن ترك أحدهما نصيبه أو شيئاً منه حتى يطيب انفسخت القسمة بينهما، فإذا كان هذا يأكل وهذا يبيع وكل بِجَدَادٍ لَا يَجوزُ لكل واحد منهما أن يترك شيئا منه حتى يطيب فلم تختلف حوائجهما لأنهما إذا كان لا بد لهما من الجد قبل الطياب فليقتسماه إذا جذاه بالكيل، وقول ابن القاسم في هذا أظهر لأنهما لا يجدَّان معاً وإرادة كل واحد منهما أن يجد بقدر حاجته، أحدُهما قليلًا والآخر كثيراً اختلاف حاجة يجوز لهما به قسمته على الخرص، وأما الزرع فلا يجوز قسمته على الخرص باتفاق لاتفاق حوائجها فيه، إذ لا يؤكل فريكاً فلا تجوز قسمته إِلَّا بالكيل بعد أن يحصد ويدرس إِلَّا أن يكون ذلك قبل أن يبدو صلاحه على أن يحصد كل واحد منهما حصته مكانه فيجوز على الاختلاف في قسمة البقل القائم بالخرص والثمر الذي يجوز فيه التفاضل وباللَّه التوفيق.