قلت له: أرأيت إن كان الحائطان جميعاً متقاربين في الموضع وكلاهما من سقيه على شيء واحد من عين أو نضح أو بعل إِلَّا أن أحد الحائطين عجوة والآخر صيحاني إنما يختلفان في ثمارهما فأرادَا اقتسامهما أيقسم لكل واحد منهما حقه من كل حائط أو يجمع له من الحائطين جميعا في حائط واحد؟ فقال لي: بل يقسم له كله من الحائطين فيجمع له في حائط واحد ولا يقسم له في كل حائط بحقه فيقطع له ذلك في الحائطين جميعاً، وإن كان أحدهما صيحانياً والآخر عجوة فإن ذلك يجمع لكل واحد منهما في موضع واحد لا يقسم له في كل حائط بحقه، قال لي: وكذلك مما ورث من الأمْوال والدور وهو مثل ما يشتري منها، فالمرأة يقطع لها الربع من الدور في موضع واحد إذا كانت الدور متقاربة، وإنما تقسم هذه الأشياء إذا كانت هكذا بالقيمة.
قال محمد بن رشد: راعي في قسمة الدور في هذه الرواية اختلاف مواضعها ولم يراع اختلاف نفاقها، فلم يُجِزْ أن يجمع في القسمة إذا اختلف مواضعها بالبعد وإن اتفقت بالنفاق عكس ما في المدونة من أنها تقسم قسماً واحداً إذا اتفقت مواضعها في النفاق وإن اختلفت بالبعد ولا تقسم قسماً واحداً إذا اختلفت مواضعها في النَّفاقِ وإن اتفقت في القرب، وفي المسألة قول ثالث يقوم من المدونة أنها لا تقسم قسماً واحداً إِلا أن يتفقا في النفاق والقرب، فإن تباعد ما بينهما في المواضع واختلف موضعهما في النفاق وإن كان قريباً لم يجمع في القسم، وقُسِمَ كل واحد منهما على حدته.
وتفرقته بين الحوائط والدور في مراعاة البعد ليس بِبَيِّن في القياس والنظر، الصواب أن يدْخل في الحوائط الاختلاف من الدور حسبما ذكرناهُ في أول مسألة من سماع ابن القاسم وفي قوله بعد ذلك: إن الحائطين إذا كانا جميعاً متقاربين في المواضع يجمعان في القسم دليل على أنه لا يجمعان فيه إذا لم