أشهب وسحنون إِلَّا أنهما اختلفا في فض الدين، فقال سحنون: إنه يفض على ما بيد كل واحد منهم يوم الحكم، وقال أشهب في أحد قوليه: إنه لا يفض على الأجزاء التي اقتسموا عليها زادت أو نقصت ما كانت قائمة، فلا اختلاف في أنه لما لا يضمن من تلف ما بيده بأمر من السماء لصاحب الدين شيئا من دينه، والقول الخامس أن القسمة تنتقض بين من بقي بيده حظه أو شيء منه أو استهلكه أو شيئا منه، فأما من تلف جميع حظه بأمر من السماء فلا يرجع صاحب الدين ولا يرجع هو على الورثة بما بقي بعد تأدية الدين، وقولُ ابن القاسم في هذه الرواية إذَا لَحِقَ دين يغترق التركة بعد تنفيذ الوصايا والعتق واقتسام الورثة إِن الوصايا ترد بنمائها ونقصانها، وتنقض القسمة ويكون النماء للغرماء والضمان عليهم، ولا يكون على الورثة ضمان شيء منه إلّا أن يستهلكوه فيكون عليهم غرمه بَيِنٌ لا كلام فيه على مذهبه إذا كان الدين يغترق التركة بنمائها، وأما إن كان لا يغترقها فاتفق جميعهم على أن يؤدوا الدين ويمضوا قسمتهم فذلك لهم على مذهبه.
وأما قوله فيما اشتروا من التركة فحوسبوا فيه في ميراثهم أو اشتراه الموصي لهم منها فحوسبوا به في وصاياهم إِن لهم النماء وعليهم الضمان، وليس عليهم إلا الثمن فهو بين صحيح لا اختلاف فيه إذ لا فرق بين أن يشتروه فيحاسبوا به في ميراثهم أو في وصاياهم وبين أن يباع من غيرهم فيدفع إليهم الثمن في ذلك.
وأما قولُه: وما اقتسموا من ناض ذهب أو ورق أو طعام أو إدام فإنهم يغرمون ذلك كله وإنما يوضع عنهم ضمان ما هلك من الحيوان والعروض والعقار الذي يقسم بالقيمة، فالظاهر منه أن الذهب والورق والطعام والإِدام يغرمونه إن هلك ولا يوضع عنهم ضمانه وإن قامت بينة على تلفه، بخلاف العروض والحيوان والعقار التي تقسم بالقيمة، وقد بين ذلك إذ جعل الحكمَ فيه حكمَ العارية فيما لا يعرف بعينه إذا غيب عليه مضمونة كالقراض، وكذلك