خلفهما إن لم يشترطه، وقد اعترض بعض أهل النظر جواز اشتراط الخلف في الدابة والغلام المعينين وذهب إلى أن ذلك لا يجوز، كما لا يجوز اشتراط خلف الدابة المعينة إذا أكرت، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الدابة المعينة إنما لا يجوز اشتراط الخلف فيها إذا نفد الكراء؛ لأنه يصير فسخ دين في دين، وأما إذا لم ينفد فذلك جائز، والدابة المشترطة على رب الحائط في المساقاة في حكم ما اكترى ولم ينفد كراءه، إذ ليس لها في المساقاة كراء معلوم؛ لأن العرض فيها مجهول، فإن لم يشترط الخلف حيث يجب اشتراطه أو اشتراط أَلا خلف حيث يوجب الحكم الخلف رد إلى مساقاة مثله؛ لأن المساقاة إذا فسدت باشتراط أحد المساقين على صاحبه من عمل الحائط مما لا تعظم نفقته ويتأبد لرب الحائط منفعته كحفر البير وإنشاء الظفيرة، وما أشبه ذلك فإنه يرد فيه إلى مساقاة مثله، كما إذا عقداها على وجه من وجوه الغرر لم يخرجَا به من حكم المساقاة مثل أن يساقيه حائطا على النصف وحائطا على الثلث أو يُسَاقيه في حائطه سنين وفيه ثمرة قد طابت أو يجمعها مع البيع أو مع الإِجارة المنفردة عنها في صفقة واحدة وما أشبه ذلك، بخلاف إذا اشترط أحدهما على صاحبه زيادة من دنانير أو دراهم أو عروضا أو عملا كثيرا يعظم نفقته ويتأبد لرب الحائط منفعته فإن هذا كله وما أشبهه يُرد فيه إلى إجارة مثله فهذا أصل فيما يرد فيه إلى مساقاة مثله وإلى إجارة مثله يأتي عليه مسائل كثيرة هي مسطورة في الأمهات لابن حبيب وغيره.
وأما القراض فيجوز فيه اشتراط الدابة والغلام على رب المال دون اشتراط الخلف، فإن اشترط الخلف لم يجز، والفرق بين المساقاة والقراض أن المساقاة لها أمد والقراض لَا أَمَدَ له، والنفقة في ذلك على العامل في المساقاة وفي القراض وإن اشترط ذلك على رب المال في القراض أو على صاحب الحائط في المساقاة لم يجز ورد في ذلك إلى مساقاة مثله وإلى قراض مثله وبالله التوفيق.