للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان فيه من بقر أو غلمان أو دواب، وليس له أن يستثنى على رب الحائط إِلَّا ما وجد فيه من ذلك، وعلى رب الحائط أن يخلف كل ما مات من عبد أو شيء أو ثور مما استثنى الداخل في الحائط مما وجد فيه.

قلت فإن جهل الداخل في الحائط أن يستثني ما فيه من الدواب والرقيق وظن أن ذلك له استثناهم أو لم يستثنهم، فلما تعاقدَا المساقاةَ قال له رب الحائط: إنما ساقيتك الحائط وحده بلا دواب ولا رقيق؟ قال يتحالفان ويتفاسخان.

قال محمد بن رشد: قولُه لا بأس أن يستثني الداخل في الحائط ما كان فيه من بقر أو غلمان أو دواب يدل على أنهم لا يكونون له إِلَّا أن يستثنيهم خلافُ ما في المدونة من أن الحكم يُوجِبُهم له وإن لم يستثنيهم إذ لا يجوز لرب الحائط أن يستثنيهم ولا يخلو الأمرُ على هذه الرواية من أن يتفقا أو يختلفا، فإن اتفقا على أن أحدهم استثناهم جاز ما اتفقا عليه من ذلك، وإن اتفقا على أنه لم يستثنهم واحد منهما ولا كانت له نية بَقُوا لرب الحائط، وإن اتَفقا على أنه لم يستثنهم واحد منهما إلا أنهما اختلفا فيما نوياه فقال العامل: كانت نيتي أن يكونوا لي وهو الذي ظننت وعليه ساقيت بما ساقيت به، وقال رب الحائط: كانت نيتي على أن يكونوا لي ولا يدخلوا في المساقاة تحالفا وتفاسخا كما قال في الرواية.

وكذلك لو اختلفا فقال العامل: استثنيتُهُم، وقال رب الحائط: بل استثنيتُهُم أنا تحالفا وتفاسخا على هذه الرواية، وكذلك لو ادعى أحدُهما أنه استثناهم وكذبه الآخر فيما ادعاه من أنه استثناهم ولم يدع هو أنه استثناهم إلا أنه قال: كانت تلك نيتي وعلى ذلك ساقيت لتحالفا وتفاسخا أيضَا، ولو اختلفا على مذهبه في المدونة فادعى كل واحد منهما أنه استثناهم لوجب أن يكون القول قول العامل لأنه مدعى الصحة منهما، وذلك على القول بمراعاة دعوى الإشباه مع القيام؛

<<  <  ج: ص:  >  >>