القاسم يقول لا جائحة فيها والمصيبة من المرأة ولا ترجع على الزوج بشيء.
قال محمد بن رشد: قول ابن الماجشون هو القياس على أن الصداق ثمن للبضع، وقد قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَشْبَهُ شيء بالبيوع النكاحُ فوجب الرجوع فيه بالجائحة، فقولُه إن الثمرة إذا أجيحت كلها رجعت المرأة على الزوج بقيمة الثمرة وهو المشهور في المذهب، ووجهُهُ أن الثمرة لما كانت عوضا عن البضع وهو مجهول رجعت بقيمتها كما يرجع الزوج على المرأة إذا استحق مِن يده ما خالعت به عن نفسها بقيمته للبضع الذي أخرجه عن يده عوضا عنه، والقياس في النكاح إذا أجيحت الثمرة كلها أن ترجع المرأة بصداق مثلها لأن العوض عن المرأة هو البضع، وقد فات بالعقد أو الدخول، فوجب أن يرجع بقيمته وهو صداق مثلها دخل أو لم يدخل على القول بأنها تفوت بالعقد، وهو قول مالك في رواية أشهب عنه في العتيبة، وعلى القول بأنها لا تفوت بالعقد إن أجيحت الثمرة قبل البناء انفسخ النكاح، وهذا القول قائم من مسألة وقعت في العشيرة ليحيى، ووجه فواته بالعقد ما يوجبه من الحرمة، فهو بخلاف البيوع، ووجه ما ذهب إليه ابن القاسم من أن المصيبة في النكاح إذا أجيحت الثمرة من المرأة ولا رجوع لها على الزوج في ذلك، هو أن النكاح طريقه المُكَاَرَمَةُ بخلاف البيوع التي طريقها المُكَايَسَةُ، وأيضا فإن الصداق على الحقيقة ليس بعوض عن البضع لأن المباضعة فيما بين الزوجين سواء تستمتع به، وإنما هو نحلة من الله فرضها عز وجل للزوجات على أزواجهن فقال تعالى:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}[النساء: ٤] فأشبه الصداق على هذا الهبةَ، فوجب أَلا يرجع فيه بالجائحة، وبالله التوفيق.