على أولادهم من بعد انقراض جميعهم، فلا اختلاف أعلمه في هذه المسألة نصا، وقد وقع لابن الماجشون في الواضحة ما ظاهره خلافُ هذا، وهو محتمل للتأويل، وقد ذهب بعضُ فقهاء زماننا إلى أن الولد لا يدخل في الحبس بهذا اللفظ حتى يموت والده وجميع أعمامه، وقال: إن لفظة (ثم) تقتضي التعقيب في اللسان العربي دون خلاف، فلا ينبغي أن يختلف إذا قال:(ثم على أولادهم) في أنه لا يدخل أحدٌ من الأولاد في الحبس إلا بعد انقراض جميع الأب، وتعلق بظاهر قول ابن الماجشون في الواضحة، ولا تعلق له فيه لاحتماله التأويل فقوله خَطَأٌ صُرَاحٌ بما بيناه.
وإنما يختلف في المذهب إذا حبس على جماعة معينين ثم صرف الحبس من بعدهم إلى من سِوَى أولادهم من وجه آخر يجعل مرجعَ الحبس إليه بعدهم على ثلاثة أقوال تقوم من المدونة فيمن حبس حائطه على قوم بأعيانهم فمات بعضهم وفي الحائط ثمرة لم تؤبر، أحدها: أن حظ الميت منهم يرجع إلى الوجه الذي جعل مرجع الحبس إليه بعدهم، وذلك على قياس قوله في مسألة المدونة إن حظ الميت منهم يرجع إلى المحبس، والقول الثاني: أن حظ الميت منهم يرجع إلى بقيتهم، وذلك على قياس قوله في المدونة: إن حظ الميت منهم يرجع على بقيتهم، والقول الثالث: أنه إن كان الحبس مما تقسم غلته كالثمرة والخراج رجع حظ الميت منهم إلى الوجه الذي جعل مرجع الحبس إليه بعدهم، وإن كان مما لا تقسم غلته عليهم كالعبد يَخْتَدِمُونَهُ والدار يسكنونها أو الحائط يَلُونَ عَمَله رجع نصيب الميت منهم إلى بقيتهم، وذلك على قياس مَا رواه الرواة عن مالك وأخذوا به حاشى ابن القاسم من التفرقة بين الوجهين، وقد حكى عبدُ الوهاب في المعونة أنَ الاختلافَ في هذه المسألة إنما هو فيما يقسم كالغلة والثمرة، وأنه لا اختلاف فيما لا يقسم كالعبد يُخْتَدَمُ والدار تسكن، وليس ذلك بصحيح على ما بيناه، وبالله التوفيق.