قال محمد بن رشد: تكررت هذه المسألة على نصها في سماع ابن القاسم من كتاب الخدمة وقوله فيها إن ما ولد للأمة المُخدَمة أو العبد المخدم فهو بمنزلتهما صحيحُ لَا اعْتِرَاضَ فيه لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كُل ذَاتِ رَحِم فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا» .
وأما قوله فيما وهب لهما من مَال إنه يكون موقوفا على أيْدِيهِمَا يأكلان فيه ويكتسيان بالمعروف وإنه ليس لواحد منهما أن يَنْتزعه ففيه نظر لأن نفقة الأمة المخدمة وكسوتها على المُخْدَم على المشهور في المذهب، فالقياس أن يكون ما وهب لهما من مال لسيدهما الذي أخدمهما والذي يَملك رقابهما ينتزع ذلك إن شاء، ولا يكون لهما أن يأكلا منه ولا يكتسيا فيه، وقد قيل إن النفقة على سيده الذي أخدمه، فعلى قياس هذا يصح جوابه في هذَه الرواية وكذلك قولُه في المُعْمِر إذا قتل العبد الذي أعمره عمدا أو خطأ أو كانت أمة فأولدها: إنه يغرم القيمة فيستأجر منها للمُعْمَر من يخدمه مكانه فيه نظر؛ لأن القيمة إن نفذت والمخدَم حي يسقط حقه ولم يكن له شيء على قوله ومن حجته أن يقول لو لم تقتل لكان لي خدمتها إلى أن أموت، وهي في أم الولد أظهر؛ لأنه يقول كيف يبطل حقي الذي لي في خدْمتها إلى أن أموت وهى باقية لم تمت، فكان القياس أن يكون على قاتلها عمدا قيمة خدمتها على الرجَا والخَوْف، وقد وقع في المدنِيَة من رواية محمد بن يحيى السبائي عن مالك ما يشهد لما قلناه، وذلك أنه سئل عن امرأة أخدمت خادما لها امرأتين عمرهما ثم إنهما اشترت من إحداهما ما جعلت لها من الخدمة حياتها، ثم أعتقت الخادم كيف يصنع في ذلك؟ أتبطل الخدمة عن المعمرة الثانية التي لم تبع أم تقوم على المعتِقَة كيف الأمر في ذلك؟ قال: بل تقوم عليها قدرُ تلك الخدمة التي أخدمتها حياتها يريد على الرجا والخوف؛ لأنها لا تقدر على الرجوع في التي أخدمتها، فيقوم ذلك عليها ويتم العتق عليها، وذلك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكَا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ مَنْ بَقِيَ مِنْ شرَكَائِهِ وَعَتَقَ