إن أحدهم مات، قال: ما أراها إلّا لهم كلهم؛ لأنه قد أَبّرَ وَسَقَى فهي بينهم كلهم، ثم نزلت وقضى فيها أنه ليس له فيها شيء للذي مات إذا كان حبسا، وإنما يكون لورثة من مات منهم إذا مات بعدَ أنْ تطيب الثمرة، ومن مات منهم قبل أن تطيب الثمرة فلا حق له، وإنما تكون منهم إذا مات وقد أبرت إذا لم تكن حبسا فأما الحبس فلا يكون لهم حتى يطيب، وكذلك قال مالك، وأما إذا كانت صدقة من غير حبس فهي لورثة الميتَ أبِّرَتْ أو لم تُؤبر.
قال محمد بن رشد: معنى قوله: تصدق على ثَلاثة نفر بثمر حائطه أي حبسها عليهم، ويحتمل أن يريد أنه حبسها عليهم حبسا صدقة، وعلى ذلك تكلم لأن الصدقة المبتولة من غير حبس لا اختلاف في أنّ حظ مَن مات منهم لورثته وإن لم تؤبر، وذلك بين من قوله: وإنما يكون لمن مات منهم إذا مات وقد أبرت إذا لم تكن حبسا، وقوله: ما أراها إلّا لهم لأنه قد أبَّر وسقي فهي بينهم، هو خلاف ما في المدونة من قول ابن القاسم وغيره من الرواة، وقولُه: ثم نزلت فقضى أنه ليس فيها شيء للذي مات وإنما يكون لورثة من مات منهم إذا مات بعد أن تطيب الثمرة، هو قول ابن القاسم وروايتُهُ عن مالك في المدونة، ولا اختلاف في أنها تجب بالطياب لمن مات منهم بعده، ولا في أنها لا تجب لمن مات منهم قبل الِإبار في الحبس وإنما الاختلاف إذا مات أحدهم بعد الإبار وقبل الطياب أو ماتوا جميعا.
فإذا مات أحدهم ففي ذلك خمسة أقوال: أحدها: أن حظه يرجع إلى المحبس، والثاني: أنه يكون لمن بقي منهم وهذا القول هو الذي رجع إليه مالك في المدونة وإياه اختار ابن القاسم، والثالث: أنه يكون لمن بقي منهم إن كانوا يلون عملها أو كان عبدا يخدمهم أو دارا يسكنونها وترجع إلى المحبس إِن كانوا لا يلون عملها وإنما يقسم عليهم ثمرتها، والرابع: أن الميت يجب له حضه بالإِبار إن كان قد أبر وسقى، وهو القول الأول في هذه الرواية: ما أراها