تلك الركعة لم تجز عنهم حين سجد بهم من لا يجزئ عنه سجوده؛ ولا آمرهم أن يصلوا خامسة، فيكونوا قد صلوا خامسة عامدين، فأحب إلي أن يستأنفوا صلاتهم- إن فعلوا، وإن علم، رأيت له أن يتأخر ويقدم من أدرك ركعة فيسجد بهم. وقال في الإمام يحدث - وهو راكع-: إنه يرفع رأسه ويقدم رجلا يدب راكعا فيرفع بهم ويسجد.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا تجزئهم الركعة ولا الصلاة أيضا- إن سجد بهم السجدتين اللتين بقيتا عليهم من الركعة التي فاتته، هو قول أشهب أيضا، وقد قيل إنه تجزئهم، حكى ابن المواز القولين جميعا؛ فأما القول الأول فقد بين في الرواية وجهه، وهو أنه لما كان هو لا يعتد بها من صلاته، وجب ألا يتبعوه فيها، وأن تبطل صلاتهم إن اتبعوه فيها؛ لأنهم زادوا فيها ما ليس منها، وإن قعدوا ولم يتبعوه في السجود، بطلت عليهم الركعة؛ فلهذا رأى أن يتأخر ويقدم من أدرك الركعة فيسجد بهم، فتصح لهم الركعة والصلاة، ووجه القول الثاني، أنه لما كان لا بد لهم من سجود سجدتي تلك الركعة، استخلف عليهم الإمام، أو لم يستخلف، لم يضرهم أن يعتدوا به في السجود، وكانوا في سجودهم معه كسجودهم- أفرادا، وإذا أنزلنا سجودهم معه كسجودهم أفرادا، فإنما يجزئهم سجود تلك الركعة على القول بأن ما فعل في حكم الإمام يعتد به على ما ذكرته من قول ابن نافع في رسم "الأقضية الثالث" من سماع أشهب؛ لأنهم في حكم المستخلف، وهو شذوذ في المذهب؛ وقوله في الذي يحدث- راكعا- أنه يرفع رأسه ويقدم رجلا يدب راكعا، فيرفع بهم ويسجد، صحيح؛ ولو قدم رجلا قد أحرم معه قبل أن يركع، لوجب أن يركع ويرفع بهم، وجب عليهم أن يرجعوا معه إلى الركوع، حتى يرفعوا برفعه، فإن لم يفعلوا أجزأتهم صلاتهم لأنهم بمنزلة من رفع قبل إمامه.