للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لا يجوز إِلَا في مساجد الجوامع إذا احتيج إلى ذلك، وأما مسجد الجماعات فلا، إذ ليست الضرورةُ في ذلك مثلَ الجوامع، وفي النوادر لمالك أن ذلك في كل مسجد مثل ظاهر هذه الرواية، وقولُ سحنون في نوازله وقولُ مالك إنه لا يقضي عليهم أن يشتروا بالثمن دارا يجعلونها حُبسا كما كانت التي باعوا هو قولُ ابن القاسم، وقال ابنُ الماجشون يقضي بذلك عليه، ولو استحقت فأخذ فيها ثمنا فإنه يصنع فيه ما شاء، قاله مالك وابن القاسم، وظاهر قوله فباعوها وأدخلوها في المسجد أنهم طاعوا بذلك وفعلوه باختيارهم، وقد اختلف الشيوخ المتأخرون إذا أبَوا من ذلك في المسجد، فقال أكثرهم تؤخذ منهم بالقيمة جبْرا على ما أحَبوا أو كرهوا، وهو الذي يأتي على قياس قول مالك في هذه الرواية وما روى عن ابن القاسم أيضا من أنه لا يحكم عليهم بجعل الثمن في دار أخرى تكون حبسا مكانها لأنه إذا كان الحق يوجب أن تؤخذ منهم بالقيمة جَبْرا صار ذلك كالاستحقاق الذي يبطل الحبس، فلا يجب صرف الثمن المأخوذ فيه في حبس مثله، ويأتي على قياس قول ابن الماجشون إنه يقضي عليهم أن يجعلوا الثمن الذي باعوها به في دار أخرى تكون حبسا مكانَها أنه لا يقضي عليهم ببيعها إذا أبَوا؛ لأنهم إذا باعوها باختيارهم في موضع لا يحكم عليهم به لو امتنعوا منه كان الحكمُ عليهم بصرف الثمن في دار تكون حبسا مكانَها واجبا لما في ذلك من الحق لغيرهم إن كان الحبس معقبا، وكذلك إن كان عليهم بأعيانهم على القول بأنها ترجع بعدهم إلى أقرب الناس بالمُحَبِّسُ حبسا وقد روى أبو زيد عنه في الثمانية أنه يقضي عليهم ببيعها ليتوسع بها في المسجد الجامع، فقولُه إنه يقضي عليهم بجعل الثمن في دار تكون حبسا مكانها ليس على أصله، فلعله إنما قال إنه يقضي عليهم بذلك فيما عدى المسجد الجامع من المساجد، ومن مذهبه أنه لا يقضي عليه ببيعها إلا في المسجد الجامع وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>