ولده للذكر مثل حظ الأنثيين فتزوج الرجل منهم المرأة ثم يموت فتذهب المرأة ولا حق لها وتتزوج المرأة من بناته ثم تموت فيذهب ولدها ولاحق لهم ويرجع نصيبها على من بقي من ولده، فلم يزل ذلك حتى بقي بَعْدُ امرأةٌ ورجلٌ فكانا يأخذان للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم مات الرجل فصارت للمرأة الصدقة تأخذها كلها، ثم هلكت وتركت أولادا، وَشَهِدَ رجالٌ بالسماع أنهم لم يزالوا يسمعون أنها صدقة، هل ترى لولد المرأة في ذلك حقا؟ قال مالك: لا، ولكن ترجع إلى الأقرب فالأقرب من عصبة المتَصَدِّقِ حُبُسا عليهم، قال عيسى: قلت لابن القاسم: لم كانت للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال: اشترط ذلك.
قال محمد بن رشد: قولُه: " وسئل عن حائط كان صدقة فلم يزل ذلك يجري على ولده " معناه: وسئل عن حائط كان صدقة تصدق به رجل على ولده فلم يزل ذلك يجري على ولده للذكر مثل حظ الأنثيين، وقوله:" وشهد رجال بالسماع أنهم لم يزالوا يسمعون أنها صدقة " معناه: لم يزالوا يسمعون أنها صدقة يتصدق بها ذلك الرجل حبسا صدقة على ولده، هل ترى لولد المرأة في ذلك حقا؟ فقال: لا، وذلك على مذهبه الذي يختلف فيه قولُه أن من حبس على ولده فلا يدخل في حبسه أولاد البنات إذ ليسوا بولد لهم حكم الولد في الميراث والنسب؛ لأنهم وإن كانوا في حكم ولده في حقيقة التسمية في اللغة فهم ولد رجل آخر في التسمية والميراث والنسب، فهو بهم أولى.
وقوله:" إنها ترجع إلى الأقرب فالأقرب من عصبة المتَصَدِّق حبسا عليهم " صحيح بين لا اختلاف فيه؛ لأنه حبس على غير معينين فلا ترجع إلى المحبس ملكا في قول مالك وأصحابه أجمعين، إلَّا أن يقول ما عاشوا فترجع إليه ملكا على قول مطرف منهم خاصة، وقد مضى هذا في أول رسم وفي غيره من المواضع وبالله التوفيق.