المعمِر أو مات قبل ذلك، فإذا مات المعمَر رجعت العمرى إلى المعمِر إن كان حيا، وإن كان قد مات رجعت إلى ورثته يوم مات، فقوله وشَرطَ إن مات قبلها فهما لها حياتَها، وإن ماتت قبله فهما عليه رَدٌ، ليس بشرط يُحِيلُ العمرى عن حكمها وسبيلها، وإنما هو بيان لحكمها، والمُعْمِر لا يملك من العبدين إذا أعمرهما أمه إلّا المرجع بعد وفاتها، وهو مجهول، إذ لا يدري متى تموت فيجوز له أن يهبه ويعتقه في صحته ولا يجوز له أن يبيعه إلا من أمه، ويجوز له أيضا أن يعتقه في مرضه إن حمله ثلثه، ويختلف فيما بَتَلَهُ المريض في مرضه هل ينظر فيه وهو مريض أو بعد موته، فقيل إنه ينظر فيه في مرضه فإن حمله الثلث عتق، وقيل إنه لا ينظر فيه إلا بعد موته إذ قد يذهب مالُه في مرضه فيكون للورثة في ذلك.
حُجّة من أجل أنه لا ينفذ قضاؤه بعد موته في أكثر من ثلث ماله، فرأى مالكٌ في هذه المسألة إن أجازت أمّه ذلك وطاعت بترك حقها في خدمته أن ينظر بذلك في مرضه، وُيعَجِّلَ له العتق إن حمل ثلثه المَرْجِعَ بأن يُقَوَّم على غرره، ولم ينظر إلى ما يقوله الورثة إن أرادوا ألا يُنْظَرَ فيه إلّا بعد موته، وهو معنى قوله: ولم ينظر إلى ما يقوله الورثة: إن مرجعه إلينا ورأى إن لم تجِزْ الأم ذلك لا ينظر فيه حتى تموت، إذ لا سبيل إلى تعجيل عتقه من أجل حقها في خدمته طول حياتها، فإذا مات نظر فيه، فإن حمل ثلثُه المرجعَ على غرره عتق جميعه بعد موتها، وهو معنى قوله: وإن لم تجز عَتَقَ إذا مات وكانت تلك البقية في ثلثه، يريد المرجع على غرره، وإن لم يحمل الثلثُ المرجعَ عتق منه بعد موتها ما حمل الثلث منه، فهذا معنى قول مالك في هذه المسألة ووجهُهُ مشروحا مبينا.
وقد رأيت لابن دحون في هذه المسألة أنه قال فيها: هذا الكلام فيه نظر فتدبره والذي ينبغي إن لم يُجز الورثةُ ذلك أن يكون المرجع من الثلث أجازت الأم أو لم تجز، فإن أجازت عجل العتق، وإن لم تجز عجل بعد موتها.